قراءة عن كتاب: ” التاريخ السياسي للإسلام في السنغال “
(*) فاضل صار.
أخي المكرم ابن العم عبد الكريم سار،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وبعد،،،
قرأت كتابكم المعنون: ” التاريخ السياسي للإسلام في السنغال “، وأشكركم على الجهود المضنية التي بذلتموها لجمع مادة الكتاب؛ مما تدل على النفس الطويل الذي تتمتع به سعادتكم رغم ضيق الزمان ومشكلاته، وكما أثمن شجاعتكم الأدبية لخوضكم ميدان التأليف الذي ينفر منه الفرسان طويلو الباع لوعورته.
غير أني بعد قراءة الكتاب سجلت بعض ملاحظات وانطباعات أبديها هنا علكم تراجعونها وتبدون رأيكم فيها.
وقد قسمتها في ناحيتين: الشكل والمضمون.
- من ناحية الشكل:
- غياب ظهور دار النشر ومكان الطباعة للكتاب، فهذا برأيي إخلال لأبسط قواعد التأليف الحديثة؛ لمؤلف يحمل عنوانا كبيرا يدعي المرجعية في طياته ومستفزا، في الوقت نفسه إلى حد ما.
- خروج عن حد تخطيط الصفحات مع وجود أخطاء مطبعية جاوزت الحد المعقول والمسموح، من كتاب يعد ليكون في متناول العلماء والباحثين؛ مما تنبئ عن التسرع والتساهل، ويستغرب أن يصدر هذا من كاتب مارس مهنة الصحافة ولازم القائمين عليها أكثر من عشرين سنة.
- من ناحية المضمون:
- أ- عدم التقيد بالعنوان المعلن للكتاب؛ حيث خضتم في أشياء عامة، عند التعرض لمادة الكتاب، مما له علاقة مباشرة بالعنوان المعلن، ومما لا يسهل إيجاد علاقة له بالموضوع، دون تقديم ما يبرر هذا التصرف!.
- ب- عدم التوازن في معالجة مطالب الكتاب؛ حيث نرى استطرادا مفرطا في الحديث عن بعض الشخصيات الدينية وتقليلا مخلا للمروءة عن شخصيات أخرى، وتكرر الشيء نفسه عن الجمعيات والمؤسسات والمدارس الإسلامية، انظر على سبيل المثال صفحات 138 و145.
- ج- تجاهل عن حركات إسلامية جادة وحية، بعضها عمرت أكثر من 20 سنة، تسير هيئاتها بانتظام، بعقد مؤتمرات دورية، وتشهد لها أنشطة من فعاليات تعبوية وشعبية، وإصدار بيانات حول الأحداث وقضايا الساحة الساخنة في الساحة الدعوية والسياسية؛ والتي لا تخفى على أي مراقب جاد؛ كـ(جمعية الطلبة والتلامذة المسلمين في السنغال – والتجمع الإسلامي في السنغال)، وإسهاب في الوقت نفسه بحركات منقرضة أو تكاد لم تعد تعقد مؤتمرات ولم يسمع لها أي نشاط في البلاد!.
- د- قدم علاقة العرب واتصالهم بأفريقيا كقارة، لا ينفي ارتباط دخول اللغة العربية بدخول الإسلام في السنغال بالخصوص؛ ذلك أن قدم هذه العلاقة بين العرب والقارة السمراء – وإن ثبتت – فلا يمكن أن تستدل لنفي الارتباط الوثيق بين دخول اللغة العربية وانتشارها ودخول الإسلام في هذا البلد؛ لاختلاف المستويين، ص:160.
- ه- عدد مفتشي اللغة العربية لحين كتابة هذه السطور في حدود 74 مفتشا، فكيف أوصلتموه إلى 450 مفتشا!!! ص: 210، والله أسأل تحقيق النيات.
- و- المعلومات التي قدمتموها عن جماعة عباد الرحمن، عند تحليل مواقفها في بعض القضايا السياسية والدعوية مخلوطة؛ وعلى سبيل المثال، طردنا من الجماعة لا علاقة له بنشأة حزب الإصلاح للتنمية الاجتماعية، وقد سبقت هذه الحادثة فكرة تأسيس الحزب بمدة زمنية طويلة، وكان الأولى الرجوع إلى طرفي الحدث للوقوف على حقيقته.
وفي رأيي أنكم لم تنصفوا الجماعة، ويصعب على المرء جدا فهم دوافع وراء هذا الانحياز من تحليل لمواقف الجماعة، ص: 263- 270.
- ز- تقويم الحركات الإسلامية والعمل الإسلامي عموما عمل تخصصي يحتاج إلى نضج عقلي وفكري علمي، ينتظر من أناس جادين مارسوا العمل الحركي واحتكوا بالقائمين عليها، وليس لكل من هب ودب، همه العيش على أعراض : )رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا( [الأحزاب : 23].
- ح- ومما يؤيد هذا المنحى من مؤاخذات على عدم التثبت في جمع معلومات مؤلفكم هذا، ما تفضل به أمين عام جمعية الأئمة والعلماء بالسنغال، الحاج مصطفى غي لما التقى بي، في فندق الملك فهد بدكار، بمناسبة المؤتمر الإقليمي عن الإرهاب الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي، ولما سلمت على هذا الشيخ المفتي السابق بالإذاعة الوطنية السنغالية، اعترض علي التحامل على شخصه، موجها إلي اللوم بنسب أشياء غير صحيحة إلى جنابه في الكتاب، ظانا منه بأنني كاتب هذا التأليف، فبينت له أن الباحث غيري، وقد جمعنا اللقب ” صار”، لعلنا ابني العم، مبينا له رأيي من الكتاب، فأرسل إلي ما يلي:
” وله أخطاء كثيرة جدا فيما يخصني؛ قال بأنني من ضمن الذين اختاروا البقاء في البلاد، بعد مظاهرة الطلبة بالمغرب، وهذا بهتان!
الصحيح: أنني رجعت إلى المغرب، واشتركت في امتحانات الشهادة الثانوية، وحصلت عليها.
كنت بقيت في البلاد، مدة لحمل الطلبة وإرجاعهم إلى المغرب، ونجحت فيه بواسطة الوزير أحمد راسن انجاي آنذاك، و بسبب انخراطي إلى حزبهم؛ وذلك سنة 1963م جامعة القرويين.
بقيت في المغرب إلى نهاية سنة 1966 م.
كنت المندوب السامي للطلبة؛ ولذلك ما رجعت إلى المغرب دونهم، ويعرف ذلك الداني والقاصي من الطلبة.
وأشياء كثيرة قلتها، ولا أريد إنكار كتابك لأنك من أبنائي.
والحاج مصطفى نيانغ الذي ذكرته، هو لم يخرج من السنغال للدراسة قط “.
هذه شهادة خبير بالساحة الإسلامية والسياسية في السنغال، فيما يخصه من الكتاب، تؤيد منحانا من عدم الدقة والأمانة العلمية في جمع مادة هذا المؤلف.
هذه بعض ملاحظات وانطباعات سجلتها بعد قراءة الكتاب، علها تكون مساهمة مني لتقويم جهودكم الحثيثة في جمع مادة هذا العمل.
ما شاء الله تبارك الله، أحسن الله إليك، وبارك الله فيك: سعادة المفتش المحترم على هذه المقالة الجميلة التي حوت الكثيرة من الانتقادات الهادفة للكتاب، وهي انتقادات أتمنى من الأخ الكاتب أن يتقبلها بقبول حسن ؛ فهي مهمة للغاية لتقويم الكتاب، وإعادة النظر فيه، ولا شك أن روحا كتلك تقتضي وتستدعي شجاعة أدبية متفردة من الكاتب، غير مقبول في أسواق البحث العلمي التحامل والمصدارة ضد أي طرف، فكيف إذا كان في حق طرف فاعل له وزنه وخطه السليم على زنة وقدر جماعة عباد الرحمن تلك الحركة الإسلامية الجادة في عملها، والواضحة في أهدافها، لماذا التحامل عليها، وعدم إنصافها؟ سؤال كبير نريد الجواب عليه ووضوح !!
ولعل في هذه المقالة المقتضبة ما يشجع المؤلف للعمل على التصحيح، وشكرا لك مجددا سعادة المفتش فاضل صار.
مقال -على وجازته – رائع جدا . ويضاف من الانتقادات : العناوين الكبيرة التي لا تحتوي على المحتوى المناسب له،وقد نال حركة الفلاح من ذلك الشيء الكثير. ثم إن الكتاب يعيبه توثيق المعلومات في كثير من المباحث
عظيم