محمد بامبا انجاي.. اربع خصال جعلت منه قائدا من صناع التاريخ
رحل الداعية الإسلامي البارز و المثقف الكبير و المناضل الشجاع الأستاذ محمد بامبا انجاي إلى جوار ربه عز و جل بعد عمر حافل بالعطاء و النضال في سبيل دينه و وطنه. و كان قلمه السيال و لسانه البليغ و حركيته الدافقة عناده الذي خاض به معركة التغيير لنصرة قضايا الإسلام و الوطن؛ فكتب في الصحف و الجرائد و حاضر في الملتقيات و النوادي و حاور في البرامج التلفزيونية و الإذاعية و شارك في الوقفات و المسيرات و انضم إلى الجمعيات و الأحزاب مبلغا لرسالته و عاملا لقضيته.
تميزت شخصية الفقيد الأستاذ محمد بامبا انجاي باربع خصال جعلت منه شخصية غير عادية و ارتقت به إلى مصاف القادة العظام و صناع التاريخ الذين لا يرضون بأن يكونوا مجرد خاضعين لسطوة الواقع مجكومين بشروطه محصورين تحت رحمته بل هم يصنعون التاريخ و يقلبون معادلات الواقع و يوجهون مسيرته و يصيغون تحولاته و يشقون طريقهم وسط الزحام إلى آفاق جديدة.
ثقافته الواسعة
الاستاذ محمد باميا انجاي مثال للمثقف المتعدد الابعاد الذي تضلع بالعلوم الشرعية الى جانب العلوم العصرية، و اتقن لغة الضاد تحدثا و كتابة الى جانب لفة موليير تحدثا و كتابة كذلك.. و هذا ما جعل لحديثه مذاقا خاصا إذ يخرج منه جواهر مختلفة الوانها فيها مسحة الحكمة السماوية و لمسة العقل الانساني جنبا الى جنب. و هذا ايضا ما فتح له المجال لاقتحام شتى الميادين الديتية و السياسية نقاشا و مشاركة بلا حدود و هو في كل من هذه الميادين الفارس الذي لا يشق له غبار.
حركيته الدافقة
عاش الاستاذ محمد باميا انجاي حاملا هم الاسلام و الوطن و ترجمه في نشاطه الذي لا يفتر في العمل الاسلامي و الوطني منذ عهد طويل؛ فعمل مع الجماعات الاسلامية التي تشاركه نفس التوجه الاسلامي الوسطي و الشمولي دفاعا عن هوية الوطن الإسلامية و قضايا المسلمين و في مقدمتها القضية الفلسطينية التي دافع عنها كثيرا بقلمه و لسانه و عمله، بل عمل مع الاحزاب السياسية التقليدية ليصل فيها الى مراكز صناعة القرار و يمثل فيها صوت من لا صوت لهم من “ابناء الدارات”؛ فلا يتحكم يمصير الوطن و ينفرد بقراره خريجوا المدرسة الفرنسية وحدهم. و هو بهذا الاندماج في الشان العام و المشاركة السياسية من رجل دين و مستعرب -لا يعهد من مثله في المجتمع السنغالي إلا الانعزال في المساجد و الاكتفاء بالقيام بدور عقد الأنكحة و التسمية عن المولودين و الصلاة على الجنائز ثم استقبال الهدايا و الصدقات من عوام الناس وخواصهم- يعتبر ثائرا و مصدر إلهام لفئة “ابناء دار” المتهمشة المهمشة التي ينتمي إليها كي يعرفوا ان الحقوق لا تعطى و إنما تؤخذ، و أن عليهم ان يحددوا بأنفسهم ادوارهم الإيجابية فيما ينهض بالمجتمع السنغالي على كاقة المستويات الدينية و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية، لا ان يتركوا الدولة او المجتمع يحددان لهم ادوارا ثانوية في الحياة و يحشرانهم في زاوية ضيقة مظلمة ثم يشتكون من الظلم و التهميش و يطالبون بالعدل و الإنصاف.
سعة افقه
كان الاستاذ محمد بامبا انجاي بخطابه الوسطي المعتدل و المتسامح و علاقته الجميلة بجميع المكونات الإسلامية في السنغال بمثابة همزة وصل و نقطة اتصال و عامل اتزان و توحيد بين الطرق الصوفية من جهة و بين الحركات الإسلامية التي يحسب عليها من جهة اخرى؛ فعمل على ترسيخ ثقافة التعايش السلمي و التعاون الإسلامي و وقف في وجه خطاب الاستقطاب المجتمعي و الفتنة الطائفية، و كان من آخر ما كتبه مقالا رد فيه على من يشحن في النفوس الفتنة الطائفية بين الحركات الإسلامية و الطرق الصوفية.
تواضعه الجم
مما يلفت بال المرء في الأستاذ محمد بامبا انجاي تواضعه الجم و انبساطه الكبير و بعده عن التكلف و الادعاء سواء في كلامه او تعامله و الذي عرفه به القريب و البعيد؛ فهو يتكلم و يتعامل بعفوية كما هو بالطبع، و لا شك ان هذا من اخلاق العظماء، و قد رزقه الله منه رزقا واسعا حسنا و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. و من تواضعه تفاعله الإيجابي مع الياحثين و طلبة الغلم الذين كان يجود لهم يوقته و يشاركهم بعلمه و خبرته في رحابة صدر قل نظيرها.
اللهم ارحم عبدك محمد بامبا انجاي و ادخله الجنة مع الذين انعمت عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين.
عبد القادر عبد الرزاق انجاي
يغفر الله للأستاذ الوزير محمدبمبا ويرحمه ويرفعه في الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
ما شاء الله على المقالة الرائعة فرحم الله استاذنا شيخ بامبا وادخله الفردوس الأعلى