تونس.. حزب النهضة وأولوية المرحلة
كان فوز قيس سعيد في تونس يحمل دلالات عدة و إشارات، و لعل من أهمها إصرار الشعب التونسي للبحث عن البدائل الجادة، و إكمال دعائم دولة القانون التي الضابط و الحاكم فيها هو المواطن الذي يختار و يوجه و يعزل حسب آليات التداول السلمي للسلطة. و قد نجح الشعب التونسي بوعيه و عقلانيته نخبه في الحفاظ على كسب الحراك الشعبي بالرغم من محاولات الإقصاء المتكررة للتيار النهضوي و الاختراق الأمني؛ بفرض العنف كظاهرة متجذرة في التركيبة السياسية التونسية والواقع خلاف ذلك.
و للمزيد من المحافظة على هذا الكسب النادر ينبغي على السلطة أن لا تستعجل الخطوات و تطوي المراحل. فصراعات الهوية واقع تونسي منذ التوجهات البورقيبية؛ و لكن ضمانات وضع الخيارات الملائمة الدائمة يحتاج إلى دولة قوية يلتف الشعب حولها ويدفع ضرائبها و يصبر على قيادتها للقيام بالحماية اللازمة من الاستهدافات الداخلية و الخارجية. والمدخل إلى هذا الكسب هو المنحى التنموي الإصلاحي الاجتماعي و هذا ما فطن به ” أردوغان ” فجعل ولايته الأولى في وضع لبنات تنموية غيرت موقع تركيا في خارطة الدول، ثم تعامل مع قضية الهوية بمنهج ” اللبنة ” و فقه الوسع و المتاح.
و هذا المسلك أكثر ضمانا في الشأن التونسي، و هومسلك ينسجم مع المزاج النهضوي في التغيير. لذلك يلزم على النهضة لما لها من خلفية، ولما لها أيضا من مشروع و رؤية و قاعدة سياسية أن يتحكم على المسيرة، و يتعاون مع الرئيس قيس في السير قدما نحو الهدف بخطى ثابتة هادفة هادئة تجد الوقاية و الحماية من الشعب بعيدا عن الشعارات الإعلامية المستفزة. و لن يلدغ الكيس في الجحر مرتين.