رثاء سيدي لامين نياس رحمه الله

الــــنــاس بــعــدك طُــرًا “سَيِّدي” حَــيْــرى

جَلَّ المصابُ فما اســطاعــوا لــه صَــبْــرا

فـــواجِــعٌ تَــتَــوالَــــى وهْــــي بــاغِــــتــةٌ

وخَـلــفَ كـــلِّ بَـــلاءٍ أخــتُــه الـــكُـــبْـــرى

رَزِّيــــةٌ تُــــصْـــــغِــــر الأَرْزَا ودَاهِـــــيَــــــةٌ

تُبقِى الدواهيْ لديْــهــا كلَّـــهــا صُــــغْــــرى

إنَّـــا إلــى الــلّــهِ طُــرًّا راجِــعـــون فَــمَــــا

يَـــبــقــى سِــواه تــعــالــى وَجــهُــه ذِكْــرا

يا مَن نَعَيْــتُــمْ إلــيــنــا مَـــوتَــه عـــلَــنًـــا

أمــا لـــكـــمْ أنْ تُـــسِـــرُّوا نَـــعـــيَــه سِــرَّا

فَجَّعْتُمونــي فــكــادَ الــغَــمُّ يَــفْــتِــكُ بِــي

وجِئْــتــمُ ويْــحــكــمْ شــيــئًــا يُــرى إِمْــرا

كـــلُّ الــنُّـــجـــــومِ مـــعَ الأيّـــــامِ آفِــــلَــةٌ

حتَّى الذي كان يُـسْــمــى بَــيــنــهــا بَـــدرا

مَن كان في الناس إن عَمَّ الدُّجَى حَــلَــكًــا

نِـبْـــراسَ حقٍّ يَـفُــلُّ الـظُّـلْــمــةَ الـنَّــكْــراءْ

هَذي فِلِسطــيــنُ تَــبْــكِــي وهْــي آيِـــسَــةٌ

أن تُرزَقَ الــدَّهــرَ مــنــه نُــسْــخَــةً أخْــرى

غُـمَّ الــيَــراعُ وعــيــنُ الــحــرْفِ دامِـــعَــةٌ

تَــبْـــكــي فِــراقَــك مُــذْ وَدَّعْــتَــهــا ذُعْــرا

يتِيمُــكَ الفِــكْــرُ يَــبْــكــي لَــوْعــةً وأَسًــى

والموتُ يَعْــظُمُ فِــيــمَــنْ يَــتَّــمَ الــفِــكْــرا

فكمْ وقَفْـتَ لِــنَــصْــرِ الــحَــقِّ مُــنْـــفَـــرِدًا

إذْ كــــانَ صَــابًــا شــدِيــدا عَلْــقَــمًــا مُــرًّا

يَخالُه الناسُ عـيــنَ الــهُــلْــك حِــيــنَ رَأَوْا

أنَّ الشَّجاعـــةَ فــيــه تَـــقْـــطَــعُ الــعُــمْــرا

فخَوَّفُوا مــنــهُ كــلَّ الــنَّــاسِ وابْــتَــعَــدُوا

عــــنــهُ انْــهِــزامًــا وَوَلَّــوْا قَــوْلَــه ظَــهْــرا

فـــكــنــتَ يــوْمــئِــذٍ مَـنْ لا يُــزَعْــــزِعُــــهُ

إعـصـــارُ بــاغٍ، وَمَــنْ لا يَـبْــتَــغِــي عُـــذْرا

ومَـــن إذا أَزبَــــدَ الطُّــغــيَـــانُ قَـــالَ لَـــه:

أرعِـــد وأَبْــرِقْ وأمْـطِــر فَـوقَـنــا قِـطـــــرا

بِـعــنَـــا النُّــفُـــوسَ لِـرَبِّ العَـالَـمِـيــن فَـمَــا

نَخْــشَـــى أَذَاك ولَــو أَوْسَــعـتَــنَـــا ضُــــرَّا.

مــا ذا يَــضِـيـــرُكَ والسِـنْــغَـــالُ راضِـيَــــةٌ

أن لَـم تُـسِـــرَّ بـهــذا المَـوقِـــفِ “البَعـــــرَا”

مَـن كَــان خلْـفَـــك يَـجــــري كَـيْ تُـــؤَازِرَهُ

حتَّـى فَـعَـلْــتَ، فخَــان الشعــبَ واغْـتَــــرَّا

وهَكذا الدَّهْـرُ مَــنْ يَــعْــرِفْ حَــقِــيــقَــتَــهُ

لمْ يَخْـــشَ قَــيْــصَــرَهُ يــومًــا ولا كِــسْــرا

وكــان صــوْتُــك لا يَــشْــرِيــهِ دِرْهَــمُــهُــمْ

والحُّرُ يُؤْدَى ويَـأْبــى الــدَّهــرَ أنْ يُــشْــرَى

وكِسْرَةُ الخُبْزِ منْــهــمْ كــمْ شَــرَتْ ذِمَــمـًـا!

كانتْ على الحقِّ يوما فانْــحَــنَــتْ كَــسْــرا

مواقــفٌ لــكَ يـَـرْوِيــهــا الــزَّمـــانُ عــلــى

مَرِّ العُصُورِ لِتَــبْــقَــى تَــصْــحَــبُ الــدَّهْــرا

ما كلُّ مَنْ ماتَ يَـبْــقَــى بــيْــنَ أَظْــهُــرِنَــا

فاخْــلُــد شِــعــارَ نِــضــالٍ لِــلْــوَرى ذِكْــرى

تَجودُ بالـنَّــفْــسِ والــمَــالِ النَّــفِـــيــسِ إذا

ضَـنَّ الــجَــوادُ لــتَــلْــقَــى بــعــدَه الأَجْــرا

وقْتُ الحَصادِ أتَى، فاحْصُـده كـيـفَ تَــشــا

مَنْ يعْملِ الخَــيْــرَ يَــلْــقَــى أجْــرَهُ خَــيْــرا

هلْ لَحَّدُوكَ بِبَــطْـنِ الأرضِ؟ كــيــفَ لــهــمْ

أنْ يَــــدْفِــنُــوكَ أمِــيــنًا سَــيِّــدًا بَــحــرا؟!

بَحرا يَـفِــيــضُ -إذا جــادَ الــكــريــمُ بِــمــا

أُوتِي مِنْ الـمــالِ- عَــدْلًا يَــدْحَــرُ الــجَــوْرا

“بَـــذَلْـتَ نَــفْــسَــكَ لِــلإسْــلامِ تَــنْــصُــرُهُ”

لمْ تَخْشَ فـي نَــصــرِهِ زَيْــدًا ولا عَــمْـــرَوا

في جَنْبِ كلِّ ضَــعِيــفٍ كُــنـْـتَ تـَـنْــصُــرُهُ

وتَـــنْــصُــرُ الــحــقَّ صَــدَّاعــا بِــه جَــهْــرا

مُحَــــلِّـلًا ألْـمَـــعِـــيًّــــا مُنْـصِـــفًـــا لَبِــقًــــا

شَـهْـمًــا أَبِـيًّـــا بَـشُــوشَ الوَجــهِ مُــفْـتَـــرًّا

طَـلْـقَ اليَـديْـن حَـصِـيـفَ الـرَّأيِ ليْــس لــه

فِـي مَعـــرِضِ الحَـقِّ إلا  الـكَــــرَّ لا الـفَــــرَّا

“والفَـجْــرِ” شَــاهِــــدَةٌ عَـــــدلٌ وبَـيِّـــنَــــةٌ

فَـلَا ادَّعَـــاء فَـهَــــذا عَـاجِـــلُ البُــشْـــــرَى

فارْقُدْ علــيــكَ ســلامُ الــلــهِ مُــكْــتَــنَــفًــا

بِـــرَحْــمـَـةٍ تَــمـْـلَأُ الأكْــفــانَ والـــقَــــبْـــرا

يــا ربِّ أسْــبِــغْ عــلــيــهِ ثــوبَ مَــغْــفـِـرةٍ

واتْـرُكْ عــلـــيــه ســـلامًـــا بَـعــدَه يُـقْــــرا

ثمَّ الصَّلاةُ عــلــى خَــيْــرِ الــوَرَى خُــلُــقًــا

مـــــــعَ الــسَّــلامِ عــلــيــه دائــمــا تَــتْــرى

فـــــإنَّ كـــلَّ مُــــصَــابٍ بَــعـــدَه جَــــلَـــلٌ

لــكــنَّ مـــوتَــك “سِـــيْــدي” غَــمَّــنَا طُـــرَّا

 

محمد نيانغ الكولخي

المدينة المنورة

الجمعة ٢٨ ربيع الأول١٤٤٠هـ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.