رب ضارة نافعة

     الشيخ مختار كيبي

قانون التزكيات أو الرعايات من أكثر القوانين الانتخابية إثارة للجدل في الوسط السياسي نظرا إلى ظروف إصداره وملابساته  وما نتجت  عنه من إبعاد قوى سياسية معتبرة في الساحة السياسية.

ومهما يكن من أمر فإن الواقع التطبيقي أبرز قصورا لا يمكن تجاهله وتداركه في المستقبل إلا ن ذلك لا يمنعنا الإقرار بجانب إيجابي  للقانون إذ  تمكنت آلية التصفية  من تقليص  المترشحين بصورة جذرية  وقهرية؛ الأمر الذي تزول معه الضبابية في الانتخابات  وتفرز الكتل السياسية الحقيقية  والتر طالما ناقشنا ضرورة الوصول اليها  والطرق المؤدية إليها علما بأن ذلك يساعد على قراءة الخريطة الانتخابية بدقة وتحمي الأصوات الطائشة  وتصبها صوب الهدف.

وقد بات واضحا  أننا أمام الكتل الانتخابية الحقيقية التي لو تمحورت المعارضة حولها يمكن أن توجه الضربة القاضية. ولعلنا إذا تابعنا بدقة نجد أن هذه الكتل كل منها تملك جوانب قوة  وجوانب ضعف في الوقت نفسه.

كتلة الاستمرارية والتموقع المتمثلة في التحالف الحاكم  وإن كانت لهذه الكتلة إنجازات إلا أنها تعاني من فقدان المصداقية جراء ممارستها لنمط السياسة  المكيافيلية وإهمالها المطلب القيمي في الحكم.  ولعل المتابع للحد التنازلي لأصوات هذا التحالف يدرك بأن مخزونها الانتخابي تتقلص مع توالي الانتخابات.

 إلى جانب أن هذه الكتلة مهددة من قبل القاعدة الشبابية  والضربات المرتدة من أنصار خليفة صال  والقوى العاملة فى القطاعات المهنية المختلفة. لكن هذه الكتلة تحظى بمساندة الدولة العميقة وتتمتع بمغرياتها، وقد استفاد كل الأنظمة السابقة بهذا المعطى وإن كانت بصورة أكثر لباقة وتحضرا مما نشاهده من التلاعب الهمجي الساذج الآن.

بينما الكتلة الثانية التي يمكن أن نسميها بكتلة المفاصلة القيمية الواعدة المتمثلة في تحالف سونكو والقوى الجديدة التي تستند على القبول الشعبي المتنامي، وتستخدم خطاب إعادة بناء الدولة من خلال الإطاحة بالنظام ويمكن أن يتمحور حول هذه الكتلة القوى الجديدة  والتكنوقراتيون  والتيار الإصلاحي الذي يتداخل بعض اهتماته المرحلية مع أطروحات هذه الكتلة  ولو التفَّ كل هؤلاء حول هذه الكتلة يمكن أن تكون قوة ضاربة. غير أن لهذه الكتلة جوانب ضعف قد لا تجد الوقت الكافي لمعالجته منها فقدان الآلية الانتخابية المتمرسة  والخطابي التشكيكي الصادر من المنافس. ومهما يكن من أمر فإنها في حالة تصاعدية مستمرة فا ن لم تنكسر حتى موعد الانتخابات  يمكن أن تفاجئنا  من حيث لا نحتسب.

الكتلة الثالثة هي الكتلة المتنازعة عليها بين إدريس ومادكي ولهذا المحور ثقله الانتخابي  ومرونته السياسية غير أنه تعاني من جراحات عميقة واستنزاف متواصل وتوالي الأخطاء غير أن الجانب الإدريسي قد يحظى بالتفاف جزء لا يستهان به من المعارضة  إلى جانب ما يمكن أن يحظى به من الأصوات فى طوبى.

وأما الكتلة الرابعة هي الكتلة التجديدية المتمثلة في حزب pur  الذي يعتبر مواصلة للارث المكتومي  وهذه الكتلة ضعفها في قوتها  لأن مدارها الإنتخابي لا يشكل قوة انتخابية فاصلة  أضف إلى ما يشم خلفها من رائحة الوصاية السياسة ولو نزل الزعيم الحقيقي للكتلة إلى الميدان لاعطى لهذه الكتلة زخما انتخابيا تساعد على مضاعفة أصواتها  أما بالتركيبة الحالية فيستبعتد منهم هذا الإنجاز الكبير وقد كان من المستحسن أن يرى منصور سه جميل وبعض التيارات الصوفية قواسم مشتركة أو جوامع مشتركة كما يحلو للدكتور سعيد ولا أرى في الساحة ما يبشر بذلك.

  والكتلة الخامسة هي الكتلة الاشتراكية الغائبة اوالمغيبة بين مخاوف النظام ومكايد نتور ولعل هذا الغياب لهذه الكتلة مع ما تمثله من ثقل سياسي وإرث تاريخي نقطة سوداء في هذه الانتخابات

وهذه الكتل هي قوام الحياة السياسية في السنغال وفيها السعة لكل المشروعات السياسية  واعتقد بأنه لو وظفت هذه المكاسب يمكن  أن يحقق المثل  العربي وحينها يمكن أن يحلم بمشروع إعادة البناء،  وإلا سوف نبقى في دوامة محاولات البدايات اليائسة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.