يحيا الشعب الغامبي المجيد
منذ اندلاع الأزمة السياسية في غامبيا والشعب السنغامبي حكومةً ومعارضةً، قادةً في المجتمع المدني ورجالاً مستقيلِّين، كلُّهم على قلب رجلٍ واحدٍ، للوقوف مع السيادة الغامبية بعدما قرر شعبها وهو صاحب الصوت الوحيد الذي يجب الانصياع له، مرت الأزمة مراحلَ مختلفةً كلُّها يدعو إلى التأمل والاعتبار إلى أن حُسمت النتيجة لصالح الشعب الغامبي وهذا هو المهم، وهذا ما كان يهدف إليه رجال مخلصون من نيجيريا شرقاً إلى السنغال غرباً ومن ساحل العاج جنوباً إلى مالي شمالاً، هذه المؤسسة الإفريقية (إيكواس) والتي ضمت مايقرب من 300 مليون نسمة بها نعتزُّ، ونوثرها على غيرها من الذين مازالوا يطمعون على نهب ماتبقى من أفريقيا.
انتهت الأزمة بالاستجابة لإرادة الشعب الغامبي، ولكنها أيضا شكلت سابقةً فريدةً في القضايا الإفريقية يجب أن تكون عبرةً لأبناء أفريقيا عامةً، ومن أم الدروس التي يمكن أن نستخلصها من هذه الأزمة مايلي:
- أن لا صوت فوق إرادة الشعوب، فأفريقيا حطّمت الرقم القياسي في إهانة سلطة الشعوب، ويتفنَّنُ زعماؤها المستبدون في ذلك انقلابٌ عسكريٌّ هنا وتزوير انتخابات هناك، رجوعٌ عن عن الاعتراف اليوم تعديلٌ دستوري غداً، يجب على الإفريقيين بمؤسساتهم الإقليمية التي وضعوها بأنفسهم وضعَ حدّ لهذا الوضع المزري.
- إعادة الثقة إلى مؤسساتنا الإقليمية، يجب أن يكون حل الأزمات الأفريقية أفريقياً، ولذا أستغرب ممن يقف ضد تحركات مؤسساتنا الإقليمية، وفي الوقت نفسه تراه تتغنى بالانتساب إلى الإفريقانية ويذمّ التدخل الدولي.
- كشفت الأزمة عن التقصير الواضح من بعض الناشطين والمدونين، فلم يبذلوا جهداً لمعرفة الأساس القانوني لـ “إيكواس” للقيام بخطوة كهذه، وهنا أدعو الجميع إلى مراجعة مايلي:-
- – البروتكول المنشئ لمجلس السلم الأمن التابع للاتحاد الافريقي المادة الثالثة الفقرتين الأولى والثانية.
- – الميثاق المنشئ لـ “إيكواس” المادة 58 المتعلقة بـ “الأمن الإقليمي” وفُصِّلت هذه المادة في بروتوكول خاص.
- – البروتوكول المتعلق بآليات منع وإدارة وحل الصراعات وحفظ السلام والأمن التابع لـ “ايكواس” المادة الثالثة الفقرة الأولى، إذا رجعت إلى المذكور تدرك حجم التخبط والانحراف الفكري الذي وقع عليه الكثير، ولا أدري هل هو مقصودٌ أم جهلٌ وكلاهما ليسا مبرران للوقوع في أخطاء فاضحةٍ، علما بأن الموقعون على هذه المواثيق هم رؤساؤنا طوعاً لاكرهاً فما قامت به “إيكواس” استجابةٌ لمنطق القانون والأخلاق ولو لم تقم به ستكون مسؤولاً أمام التاريخ.
- كما كشفت الأزمة عن ازدواجية في المعايير من بعض المفكرين، أدى إلى تحاملٍ غير مسبوق على السنغال التي لم تقم إلا بدورها الذي فرضه الواقع الجغرافي ووضعها الدبلوماسي، فالسنغال تحيط بغامبيا في كل الاتجاهات براًّ وبحراً فمن الطبيعي جدا أن تأخذ بزمام المبادرة في حل الأزمة وتتحمَّل مسؤوليتها التاريخية، لأنها أدرك من غيرها بالنتائج المحتملة لكل السيناريوهات.
- كان الصوت الأكثر تداولاً أثناء الأزمة “أنا ضد الحرب” وفي ذلك اتهام ضمني لطرفٍ مقابلٍ يقول “أنا مع الحرب” وهذا لوثٌ في الفكر، أو إثباتٌ للذات، أو ادعاء مشبوه، حيث لايمكن لأحد أن يثبت أن هناك طرفاً آخر يدعو إلى الحرب أو يقول أنا مع الحرب، والأكثر غرابة أن نشير أصبع التهمة إلى السنغال على أنه كان متشوقاً إلى الحرب والكل يعلم أن الضرر المترتب على ذلك هي من تدفع ثمنها، فهل أنت أكثر وطنية من السنغالي في وطنه أم في نفسك شيء آخر تجاه السنغال.
- السنغال بفضل أشقائها قامت بما عليها وبدورها المطلوب، وضرب مثلاً حسناً في حسن الجوار ولو اقتدت بها كل دولةٍ فاستغلَّت قوَّتها الدبلوماسية والاقليمية، لكفانا ذلك كثيرا من شر كثير من التدخلات الأجنبية التي قَصَمت ظهر القارة.
- جهود الوساطات الدبلوماسية من الشقيقين موريتانيا وغينيا مشكورةٌ ومرحبةٌ بها دائماّ، وماهي إلا امتداد لجهودً سابقةٍ قام بها رجال “إيكواس” ويرجع الفضل في نجاح هذه الجهود إدراك جامي مدى عزم “إيكواس” لتحقيق إرادة الشعب الغامبي وأن لامزيد لحكم مستبد أخر بلداً 22 سنة.