هنيئًا للبرزخ بك يا عزيزي الإمام !
العظماء المجاهدون هم أيقونة الخلود، فلا يموتون ولا يخمدون أبدا، وإنّما يناديهم الربّ إلى السّماء، ليجدوا هُناك عند جناحه سبحانه وتعالى تلك الفرحة الكبرى التي ترقص على ملامحَ وجوههم الشبيهة بأجنحة الفرّاشات، وهم يطيرون فوق فضاء رحبٍ مفعم بالرحمة والأريحيّة..
فيُمكن لصوت الحقّ أن يتعثّر تحت ضجيج الباطل لكن لا تنطفئ ولا تتقطّع نبراته أبدا، ويُمكن لظُلمات الشرّ أن تعبث بالضّوء خلف سدولها، فتمنعه من الحركة، لكن النّور دوما يختزل الظّلمات مهما كان حجمها وكبريائها، ثمّ يشقّ طريقا إلى آخر النّفق أو حتّى يعثعر على النّافذة…أمثال هذا الداعية الاسلامي الباسل والمجاهد الكبير (الإمام عليّ اندو) يذهبون فتبقى بنات أفكارهم وثمرات غرسهم قنديلا يضيء للتائهين ولفاقدي البوصلة منوالَهم، وكابوسا يُطارد الطّغاة والجبابرة في كلّ زمان ومكان، بينما هم يرقدون بسلام تحت التراب الأسود، ويقرؤون هناك أجمل القصص والرّوايات في عُيون ملائكة الرحمة والكرام البررة
اعذرني وسامحني يا مولاي وسيّدي الإمام ، فالكلّ وصلوا إليك لأوّل الوهلة وكتبوا عن رحيلك الأليم، فالشّعراء جعلوا القافية تذرف دموع الوجع والألم وزفرتْ القصيدة بين الحرف والمعنى لأجل رثاءك، والأدباء جعلوا الأبجديّة الحبلى تئنّ وهي ترسمك أسطورة خالدة على الورقة الحزينة.. لكنّني جئتُ إليك متأخرّا…لأنّني لحدّ اللحظة لم أسطعْ الانفلات من صدى ذالك الصوت الذي جاء بخبر وفاتك، تلك الصدى التي أصابتني بِحُمى الدّهشة وهستيريا الحيرة يا (نبراس الهُدى) سيّدي وحبيبي الإمام عليّ
يا مولاي وعزيزي! كنتَ فينا مثل أبواب البحر الحانية، نعبر فيها دون أن نتعوّذ من شرّ الأمواج، لأنّك كنتَ الراعي الرسمي للأمن والأمان، كنتَ بحّارا خلف الشاطئ يراقب الرحالّين لأجل ألاّ يلتحمهم النّهر والغرق… كنتَ لوحة سماويّة نقرأ فيها أجمل القصص عن عشق الاله،والتّفاني في عبادة الحقّ سبحانه وتعالى، كنت نقيّا طاهرا مثل دمعة الأنبياء، وكنتُ للقرآن المجيد ولسنّة المصطفى حارسا وعاشقا، كنتَ كالظلّ في صمته الصارخ، وفي غيابه الحاضر، وكنتُ تحضِنُ استقالتك الفكريّة في هذا الزمن الذي تشابهت فيه كلّ الجهات، بعيدا عن مغريات الشهوات والملذّات
(الإمام عليّ بدر اندو) شيخ ارتمى في أحضان كُتبه وعكف على القراءة والكتابة، فاحترق تحت أُوار التحصيل العلمي والبحث المعرفي، وعبد الله صبورا شامخا كالطود لا يهزّه عواصف التهديدات ولا اللوبيات، فنشر النور والخير، إلى أن احتضنه الموت بكلّ مجد وشرف…..إلى جنّد الخلد أيّتها الحكاية الخالدة، عليك شآبيب رحمة الله عزّ وجلّ
جبرائيل لي/ السماوي