هل فهم الرئيس صال مؤشرات نتائج الانتخابات البرلمانية؟

(*) الشيخ مختار كبي

 

يبدو لي أن ماكي صال ظاهرة سياسية فريدة من نوعها ينبغي معالجتها بكل أبعادها المختلفة.
استخف بكفاءته الرئيس عبد الله واد فتلقى منه الضربة القاتلة. واستهان بأمره زعماء المعارضة ففاجأهم و أتاهم من حيث لم يحتسبوا و قفز عليهم جميعا.
وتمكن فى خمس سنوات من احتواء جل قوى المعارضة المتحالفة معه بدون إغراءات تذكر بل بمناورات سياسية تارة والمسلك العاطفي في أغلب الأحيان. ولم يكتف بذلك فقد تمكن من تقييد كل منافسيه المحتملين وضيق عليهم مساحات التحرك وانتزع منهم سهامهم واحدا تلو الآخر. بل إنه جرد بعضهم من مساندين حقيقيين و أنصار كبار لهم ثقلهم و وزنهم السياسي. و ستكشف الأيام القادمة هذه الملفات المستورة.
ومع ذلك كله فالمؤشر الانتخابي فى البرلمانيات يدل على الخط التنازلي لشعبيته و يبين حجم الخطر المحيط به فى الرئاسيات القادمة.
فقد كان الرئيس قبل سنوات قليلة في قمة شعبيته وحظي بسند شعبي و بقاعدة سياسية لم يحظ بها سابقوه. التف حوله كل المكونات السياسية المعتبرة ماعدا الحزب الليبرالي الذي ظل في تيه من أمره حتى اتته الفرصة مجانا من خلال ملف كريم واد و تعاطف معه المجتمع المدني يغالبية مكوناته. كما انحاز إليه إعلاميون مؤثرون و معروفون فى الساحة الإعلامية. ولكن الملفت لنظر المتابع أنه لم يحسن الحفاظ على هذه المكاسب فصنع من حلفائه خصومه أمثال السادة: خليفة صال ، مالك غاكو ، عبدل امبي ، إدريس سك ، تيرنو ألسان صال. و محسوبين من التيار الاصلاحي.
فكانت النتيجة أن عجز في الحصول على الغالبية المطلقة من الأصوات فى البرلمانيات. وظلت مناطق مؤثرة مستعصية على النظام رغم كل المحاولات و الأساليب غير المشروعة المستخدمة فيها.
ويبدو أن الخط التنازلي لشعبية الرئيس صال بدا فى الانحطاط منذ انتهاجه سياسة جذب الساسة المحترفين من معارضيه إلى جانب التداخل الملحوظ بين الأسرة والدولة والإهمال التدريجي لملف الفساد أو استخدامه للمساومة السياسية إلى جانب المناورات السياسية المكشوفة على حساب العمل الجاد لتصحيح مسار البلد بإقامة الحكم الرشيد و فك الارتباط مع فرنسا وترشيد العلاقة مع المشيخة الإسلامية إضافة إلى رسم الأولويات السياسية و التنموية و من ثم إقناع الشعب من خلال سلوك إداري مغاير.
و يجب أن يدفع هذا المؤشر الانتخابي الرئيس صال إلى تهدئة المناخ السياسي بفتح حوار جاد مع كل المكونات الاجتماعية. بالإضافة الى ذلك إعادة بناء الثقة بالإدارة الانتخابية من خلال تعيين وزير للداخلية يحظى بالإجماع والقبول لدى النخبة السياسية و المجتمع المدني إلى جانب آلية رقابية مؤهلة.
إن الرئيس صال لا يمكنه أن يغضى الطرف ويتجاهل التصالح المطلوب مع المجتمع من خلال اعادة تشغيل الملفات السياسية العالقة بمراجعة جريئة و إعادة تحديد البوصلة إن أراد الحفاظ على شعبيته و مكتسباته السياسية و اي مسلك آخر تبعه سينتهى به إلى المأزق.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.