قراءة للمشهد الإسلامي في السنغال
د. هارون باه (*)
من هنا انبرت الحركة الإسلامية لتنفض عن الدين الحنيف ما علق به من غبار التحريف، وأبعَدَ الناس عن روح الإسلام وحقيقة التديّن، وكل ما أدى لتحول الدين إلى مجرد طقوس موسمية، لا يقدّم رؤية شمولية للكون والإنسان، علماً بأنّ اعتناقه وفّر للإنسان والمجتمع الإفريقي مدخلاً
وعليه؛ فإنَّ على أبناء الحركة الإسلامية في السنغال أنْ يدركوا حجم الموقف، ويقدّروا له حساباته المناسبة، حتى تتمكن الحركة من التعامل مع الأحداث وفق خطة مدروسة سلفاً، وهو ما يستدعي إعداد جيل من الشباب يعي اللحظة التاريخية التي يعيش فيها، ويكون مُزوداً بوسائل العصر وأدواته التي تفتح له آفاق المستقبل، أي أن يكون على قدر كبير من التكوين التربوي: الروحي والفكري والدعوي، مع اغتنام القدر المتاح حالياً من الحرية، مقارنة ببعض الدول في العالم الإسلامي، وتوظيفِ التكنولوجيا، خصوصاً في أوساط الطلبة والمثقفين، داخل المؤسسات التعليمية وخارجها، وبناء الجسور مع الذين يتبنون قضايا شعوب العالم الثالث، كلّ ذلك قد تنتج عنه آثارٌ محمودة، على المدى المتوسط أو البعيد، وحَسْبُ الحركةِ الإسلاميةِ أنْ تُعبِّد الطريق لمن يأتي خلفاً بعدها، وليس عليها أن تجني ثمار ما زرعته في الوقت الراهن.
بَيْدَ أنَّ ما قيل لا يصح أنْ يُعمي المتتبع للشأن الديني في السنغال عمّا تعانيه الحركة من صعوبات وتحديات قد تكون عقبة أمامها في سبيل تحقيق الغاية المطلوبة، مثل قلّة التنظيم، وتشتت الجهود وتبعثرها، وقلة الموارد المالية والبشرية، وأحياناً تركزها في مناطق دون أخرى، كما أنّ هناك تحدياً في غاية الخطورة، وهو: طغيان الثقافة الفرنسية في شتى أنحاء البلاد، فهذه الثقافة مطيّة لنشر القيم الغربية المادية المنافية لقيم الشعب السنغالي ذي الأغلبية المسلمة.
الأولى: جبهة العلمانية: التي تريد سلخ المجتمع من الإسلام، وجعله تابعاً للغرب، يُحرّك من الخارج، ويتلقى من أسياده الأوامر في كلّ صغيرة وكبيرة، بعد إذلاله، وإحكامِ
سياسياً: عدم وجود مشروع سياسي
اجتماعياً: الحفاظ على النمط الاجتماعي الإفريقي المبني على روح الجماعة، دون التعصب القبلي، ونبذ القيم الليبرالية، والحفاظ على نواة الجماعة، وهي الأسرة، بتوثيق العرى بين أفرادها.
وبحكم تعددِ المناهلِ الفكريةِ لحاملي مشروع الحلّ الإسلامي المتأثرين بمشايخهم في المشرق، كما في المغرب، تنوعت رؤاهم لطبيعة تنزيل المشاريع الإصلاحية، فانحاز بعضهم للنهج السلفي، كحركة الفلاح، وآخرون للأسلوب الإخواني، كجماعة عباد الرحمن، ذلكَ أنّ أغلب المؤسسين لجماعة عبادِ الرحمن استلهموا العمل الدعوي الإسلامي، والفكر الحركي، والجانب التنظيمي، مِن خلال اطّلاعهم على إنتاجات الإخوان المسلمين في مصر، وهذه هي طبيعة العلاقة بهم إلى يومنا هذا، كما يؤكد الأستاذ سيرين بابو أمير الجماعة الحالي(7).
القطاع الطلابي: يختص بالأنشطة التعليمية داخل البلاد وخارجها، ويحرص على تميز أعضائه في التحصيل، كما يقوم بتقديم وجهات نظره في إصلاح التعليم، وقد نادى في الموسم الدراسي (2011م / 2012م) إلى إنهاء الإضراب الذي أتىَ على أغلب السَّنَةِ الدراسيةِ، وهنا نذكر أنّ جامعة (شيخ أنت جوب) بداكار تشهد إقبالاً كبيراً على التدين والأنشطة الدينية ومظاهر الالتزام بين طلابها.