فوائد الزواج المبكر وشبهات المانعين منه

المفتش الدكتور نجوغو صمب

الزواج نشاط حياتي فطري، يندفع إليه الكائن البشري متى تهيأت أسبابه ودواعيه ، وتوجهت إليه الإرادة الحرة، ويعبر عن ذلك بالباءة والطاقة بمفهومهما الشامل لكل مستلزمات الزواج الناجح الخالي من التعقيدات والمشاكل .

وقد جاء في القرآن الكريم الحث على تزويج الأيامى والمبادرة إليه ، قال تعالى: ﴿ َأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ    ] ([1]) ، و (( والأيامي من الرجال والنساء: هم الذين لا أزواج لهم. يقال: رجل أيّم، وامرأة أيّم )) ([2])وظاهر الآية (( يقتضي الإيجاب إلا أنه قد قامت الدلالة من إجماع السلف وفقهاء الأمصار على أنه لم يرد بها الإيجاب وإنما هو استحباب ولو كان ذلك واجبا لورد النقل بفعله من النبي – صلى الله عليه وسلم – ومن السلف مستفيضا شائعا ، لعموم الحاجة إليه فلما وجدنا عصر النبي – صلى الله عليه وسلم – وسائر الأعصار بعده قد كان في الناس أيامى من الرجال والنساء فلم ينكروا ترك تزويجهم ، ثبت أنه لم يرد الإيجاب ويدل على أنه لم يرد الإيجاب أن الأيم الثيب لو أبت التزويج لم يكن للولي إجبارها عليه ولا تزويجها بغير أمرها … )) ([3]) .

و عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض )) ([4])، ومن الفتنة والفساد المترتب عن عدم تزويجهن لمن خطبهن من الأكفاء وذوي الدين والخلق أن ((يبقى أكثر نسائكم بلا أزواج وأكثر رجالكم بلا نساء فيكثر الافتتان بالزنى وربما يلحق الأولياء عار فتهيج الفتن والفساد ويترتب عليه قطع النسب وقلة الصلاح والعفة )) ([5])

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (( ثلاثة يا علي لا تؤخرهن: الصلاة إذا أتت ، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا )) ([6]) .

و أثر عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال (( زوجوا أولادكم اذا بلغوا لا تحملوا آثامهم)) ([7]) ، وفي الأثر ترغيب على تزويج الأولاد إذا بلغوا ، وتحميل الآباء لما يترتب من تأخير تزويجهم من المساوئ والأضرار ، إذا كان بعذر غير مقبول شرعا .

ومادام الزواج والمبادرة إليه بهذه المثابة في الشريعة والحياة ، فلا مانع من تنظيمه وتوعية الناس في كل ما يتعلق به ، لتحقيق مقاصده وجلب مصالحه ودفع ما قد يترتب عليه من المفاسد والأضرار ، دون اللجوء إلى صرامة القانون ومكبلاته ، الأمر الذي يجعل الناس في حرج كبير وضيق شديد ، ويلجئهم إلى ممارسات خاطئة وتصرفات مضرة ، هم في غنى عنها لو تزودوا من الفقه والوعي بقدر كاف .

الفرع الثاني : شبهات المانعين من الزواج المبكر والرد عليها .

يسوق المانعون من الزواج المبكر شبهات عديدة وذرائع مختلفة للمنع والتحذير منه ، ومن أهم تلك الشبهات ما يلي :

  • الأضرار الصحية:

فيقولون الزواج المبكر مضر لصحة البنات ، وأنه عامل أساس في انتشار بعض الأمراض التي تصيب الرحم والأعضاء التناسلية ، كما أنه في زعمهم هو السبب الرئيس للوفيات في حالة الوضع سواء للأمهات أو لأولادهن !!!

ونحن نقول : إن الإسلام يمنع عن الضرر والإضرار ، فكل تصرف يؤدي إلى الضرر فهو مخالف لتعاليم الدين الإسلامي ، فعن ابن عباس – رضي الله عنهما -، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا ضرر ولا ضرار )) ([8]) ، ومن تطبيقات هذه القاعدة الفقهية في باب الزواج أن الزوج لا يمكن من زوجه بعد العقد إذا لم تكن مطيقة للوطء أو قادرة على الحمل ، وعلم ذلك باليقين أو بغلبة الظن ، وقد تكلم الفقهاء في وقت زفاف الصغيرة وحكم تمكين الزوج منها بما يرفع الإشكال ، قال النووي – رحمه الله -(( وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عمل به وإن اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة حد ذلك أن تطيق الجماع ويختلف ذلك باختلافهن ولا يضبط بسن وهذا هو الصحيح وليس في حديث عائشة تحديد ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع ولا الإذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعا))  ([9])، و جاء في البحر الرائق (( والحاصل أن الصغيرة التي لا توطأ لا يجب لها نفقة صغيرا كان الزوج أو كبيرا والمطيقة للوطء تجب نفقتها صغيرا كان الزوج أو كبيرا واختلف في حد المطيقة له والصحيح أنه غير مقدر بالسن وإنما العبرة للاحتمال والقدرة على الجماع، فإن السمينة الضخمة تحتمل الجماع وإن كانت صغيرة السن )) ([10]) .

فالعقد على البنت الصغيرة لا تعني بالضرورة وطئها ومن ثم إحبالها ، ولا مانع منهما إذا أمن الضرر والأذى بهما ، (( وذكر الشافعي أنه رأى باليمن جدة بنت إحدى وعشرين سنة حاضت لتسع وولدت لعشر وعرض مثل ذلك لابنتها، ويذكر أن عمرو بن العاص بينه وبين ابنه اثنتا عشرة سنة )) ([11]).

أما أذا كانت البنت غير مطيقة للوطء ، فضلا عن الحمل ، فلا توطأ وإن عقد عليها ، أو كانت مطيقة للوطء ، غير متهيئة للحمل ، فعلى زوجها إن رغب في وطئها إن يجنبها الحمل بعزل ونحوه ، وإن خيف من العقد عليها أن لا يمهلها زوجها لحين الإطاقة ، فلا يزوجها وليها سدا للذريعة ودفعا لضرر متوقع ، والله أعلم .

  • الأضرار الاجتماعية :

ويقولون : البنت الصغيرة إذا أصبحت أما في سن مبكر ، فإنها لا تستطيع رعاية ولدها الرعاية الواجبة ، ولا تقدر على تربيتها التربية الكاملة ، لأنها تكون في أمس الحاجة إلى تلك الرعاية والتربية وفاقد الشيء لا يعطيها !!!

ونحن نقول : مما يجب أن يعلم أن المسؤولية في الزواج في الفقه الإسلامي مسؤولية مشتركة ، وتعاون بين الزوجين لإقامة أسرة سعيدة يسودها الأمن والسلامة والرفاهية ، فعلى كل من الزوجين أن يسعى لإسعاد الآخر ومساعدته وإسعافه فيما لا يقدر عليه وحده ، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}  ([12]) ، وقوامة الرجل لا تقتصر على مجرد الأمر والنهي والنفقة ، بل إنها تشمل المساعدة والمواساة والوقوف إلى جنب امرأتها وقضاء ما استطاع من حوائجها ، سواء ما تعلق بها هي، أو بأولادها ، كتربيتهم وتغذيتهم ، وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}  ([13]) ، والتعاون على البر شاملة لأكل أنواع الإحسان والخير ، وليس محصورا في الأمور المادية فقط ، بل يدخل فيه الأمور المعنوية من تربية وتعليم وتوجيه وإرشاد ، فعلى الزوج أن يتعاون مع زوجه في كل ما تحتاج إليه من ذلك ، فيعلمها ويربيها ويرشدها ، فإن هي أنجبت أولادا أعانها على تربية الأولاد ، وعلمها ما تحتاج إليه أو يرسلها إلى من يثق فيها من المربيات من قريباتها أو من غيرهن ، وإن احتاجت إلى خادمة وقدر على إخدامها فعل ، وفي قصة نبي الله موسى عليه السلام مع أهله مثال للزوج الصالح ، فقد حكى الله تعالى في القرآن موقفا نبيلا من مواقفه مع أهله ، فقال تعالى: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ([14]) ، وقال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} ([15]) ، ولا شك أن نبي الله موسى لم ينطلق من تصرفه الإنساني هذا من منطلق الحقوق والواجبات الضيقة ، وإن من مفهوم الإحسان الواسع، وبدافع الرجولة الحانية الرحيمة .

وبمثل هذه المعاملة الحسنة والتعاون على البر والتقوى والمودة والرحمة تتأسس الأسر المسلمة ، وتعيش في سعادة ورفاهية في كل حالة من حالات الغنى أو الفقر ، و القدرة أو العجر ، والعلم أو الجهل ، فالقاعدة هي مواساة الفقير ، ومساعدو العاجز ، وتعليم الجاهل، سواء كان زوجا أو زوجة ، صغيرا أو كبيرا .

  • الحيلولة دون إتمام الدراسة :

فالزواج عندهم عائق عن إتمام الدراسة وتحقيق النجاح فيها ، فالتلميذة أو الطالبة المتزوجة لا تقدر على متابعة الدراسة ومستحقاتها ، لكونها مشغولة بزوجها وأولادها !!!

 وعند أهل الإسلام يعتبر الزواج والدراسة من حقوق المرأة الأساسية ، وعلى وليها زوجا أبا كان أو زوجا أن يساعدها على نيل حقها منهما كاملة غير منقوصة ، ولا تعارض بينهما ولا منافاة في الأصل ، فليس هناك ما يمنع الجمع بينهما ، فيمكن للمتزوج أن يدرس ، وللدارس أن يتزوج ، إن هما قدرا على الوفاء بمتطلباتهما المادية والمعنوية ، وإذا طرأ ما يحيل الجمع بينهما ، أو يجعله صعبا ، فهنا يلجأ إلى الترجيح وتقديم الأولى منهما ، فإذا رجحت مصلحة الدراسة على الزواج ، قدمت الدراسة وأخر الزواج إلى حين ، وإما إذا رجحت مصلحة الزواج بودر إليه ، وأخرت الدراسة ، أو نظر في أسلوب أو طريقة مناسبة للمتزوجين كنظام الانتساب أو التعليم عن بعد .

وإذا نظرنا إلى الواقع نجد أن الزواج يعين على النجاح في الدراسة ، لاسيما إذا كان في المرحلة الثانوية والجامعية التي يعاني فيها الشباب من المراهقة والتوتر العصبي والتوقان إلى النكاح وغير ذلك مما يأخذ حيزا كبيرا من تفكيرهم ، وقد يؤدي بهم إلى الوقوع في فاحشة الزنى أو العادة السرية أو غيرهما من الممارسات الخاطئة .

 وفي السنة النبوية الشريفة علاج لمشكلة الزواج والدراسة ، حيث أرشد – صلى الله عليه وسلم – الشباب إلى الزواج لحاجتهم المسة إليه ، ثم دل كل من لم يستطع الزواج لفقر أو دراسة أو سفر ونحوها على الحل المؤقت والمسكن لما يهيج منه من غرائز ، فقال – صلى الله عليه وسلم – (( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصيام، فإنه له وجاء )) ([16]) ، ولا شك أن الصوم من إجراءات الاستعفاف الذي أمر الله به لمن لم يجد نكاحا أي لم يقدر عليه لسبب من الأسباب ، كما في قوله تعالى:{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } ([17])

حالات الإكراه :

فكثيرا من البنات يكره على الزواج ، ولا يستأذن في اختيار أزواجهن ، أو يزوجن وهن في أعمار لا يدركن فيها شيئا من أمور الزواج وتفاصيله ، وهذا انتهاك لأبسط حقوقهن في اختيار شركائهن في الحياة .

تلك هي أهم الشبهات التي يثيرها مانعو الزواج المبكر ، وفيما يلي الرد عليها في ضوء الكتاب والسنة وأقوال فقهاء الإسلام .

 الجواب هو أن لتزويج الفتاة في الفقه الإسلامي حالات مختلفة ، ولكل حالة حكمها الخاص ، وإليك ملخص الأحكام المتعلقة بهذه المسألة على لسان أحد أساطين الفقه الإسلامي ، ألا وهو الإمام يحيى بن شرف النووي ، قال – رحمه الله تعالى – معلقا على حديث عائشة رضي الله عنها (( تزوجني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لست سنين وبنى بي وأنا بنت تسع سنين )) :

(( هذا صريح في جواز تزويج الأب الصغيرة بغير إذنها لأنه لا إذن لها ، والجد كالأب عندنا … ، وأجمع المسلمون على جواز تزويجه بنته البكر الصغيرة لهذا الحديث وإذا بلغت فلا خيار لها في فسخه عند مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز ، وقال أهل العراق لها الخيار إذا بلغت ، أما غير الأب والجد من الأولياء فلا يجوز أن يزوجها عند الشافعي والثوري ومالك وبن أبي ليلى وأحمد وأبي ثور وأبي عبيد والجمهور قالوا فإن زوجها لم يصح ، وقال الأوزاعي وأبو حنيفة وآخرون من السلف يجوز لجميع الأولياء ويصح ولها الخيار إذا بلغت ، إلا أبا يوسف فقال لا خيار لها ، واتفق الجماهير على أن الوصي الأجنبي لا يزوجها ، وجوز شريح وعروة وحماد له تزويجها قبل البلوغ ، وحكاه الخطابي عن مالك أيضا والله أعلم ، واعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا يستحب أن لا يزوج الأب والجد البكر حتى تبلغ ، ويستأذنها لئلا يوقعها في أسر الزوج وهي كارهة ، وهذا الذي قالوه لا يخالف حديث عائشة لأن مرادهم أنه لا يزوجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحة ظاهرة يخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة ، فيستحب تحصيل ذلك الزوج لأن الأب مأمور بمصلحة ولده فلا يفوتها والله )) ([18]) .

هذا ، وقد أفتى غير واحد من العلماء المعاصرين بجواز الزواج المبكر ، وردوا على الشبهات التي تثيرها دعاة تحرير المرأة وبعض المشرعين لمنعه وتنفير الناس منه ، وفيما يلي نماذج من تلك الفتاوي :

  • فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى -:

فقد أجاب – رحمه الله -على سؤال ورد إليه عن الزواج المكبر من أحد أولياء امور ، فكان مما قاله بعد مقدمة طويلة عن مشروعية الزواج المبكر ، وحث الشارع الحكيم عليه : (( ولا ريب أن الزواج كما قال – صلى الله عليه وسلم – فيه تحصين للفروج وغض للأبصار وهو عامل فعال من أقوى عوامل الاستفادة والاهتداء ، أما تعلل الولد بأن الزواج قد يحد من نشاطه الدراسي، فالملاحظ أن الشاب في سن المراهقة تنتابه كثير من الأفكار المشتتة لذهنه، وليس كمثل الزواج علاج لمثل هذه الأحوال النفسية … )) ([19])

  • فتوى الأستاذ الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة:

ومما قاله في هذا الخصوص (( ويجب أن يعلم أن الشريعة الإسلامية لم تحدد سناً معيناً بالسنوات لعقد الزواج بل أجاز جمهور الفقهاء المتقدمين زواج الصغير والصغيرة أي دون البلوغ ولكن قوانين الأحوال الشخصية في البلاد الإسلامية حددت سناً للزواج … ، وكذلك فإن القوانين الأوروبية قد حددت سن الزواج فالقانون الفرنسي قد جعل سن الثامنة عشرة للفتى والخامسة عشر للفتاة. وكذلك فإن الديانات الأخرى حددت سناً للزواج ففي الشريعة اليهودية جعلت سن زواج الرجل الثالثة عشرة والمرأة الثانية عشرة.

إن المعنى الحقيقي للزواج المبكر من الناحية الطبية والعلمية هو الزواج قبل البلوغ فبالنسبة للفتاة الزواج المبكر هو زواجها قبل الحيض )) ([20]) .

  • أضرار تأخير تزويج الفتاة عند الشيخ عبد الكريم زيدان – رحمه الله -:

ذكر الشيخ عبد الكريم زيدان – رحمه الله تعالى -عددا من الأضرار المترتبة على تأخير زواج الفتاة بغير عذر مقبول ، فقال – رحمه الله تعالى -(( والواقع أن في تأخير زواج الأنثى إذا بلغت أضرارا كثيرة منها : احتمال انزلاقها إلى الفاحشة ، ومنها أن يفوتها الزوج الكفؤ ، ومنها : قد يفوتها قطار الزواج بالكلية ، ومنها : كدورة نفسها وكراهية وليها الذي اخر زواجها بعد قبوله من تقدم إليها من الخطاب الأكفاء ، وقد يصدر منها نحوه لا تحمد عقباه ، ومنعا : قد يصيب نفسها شيء من التعقيد والسخط على كل من حولها ، ولا شك أن الولي قد يتحمل قسطه من هذه النتائج والآثام بسبب تأخير تزويجها ))([21])

وكل هذه الأضرار وغيرها مشهودة ومرصودة في المجتمعات التي يمنع فيها الزواج المبكر ، ويكره  فتياتها على ( البغاء)  تحت ضغط ( العضل ([22])المقنن ) .

ولكل ما سبق نرى أن الزواج المبكر من المسائل التي تحتاج إلى توعية الناس وإرشادهم ، وليس إلى تكبيلهم بالقوانين الجائرة والتشريعات الظالمة ، وذلك لما فيه من التداخل بين الثابت الديني والمتغير البيئي ، الذي يقتضي المرونة والسعة في معالجة التجاوزات التي هي بمثابة وقائع أو قضايا أعيان .

وعلينا أن نستحضر المناسبات التي تزامنت مع دعوات تحديد سن الزواج ، حيث عقدت مؤتمرات دولية وإقليمية تنادي بحماية حقوق المرأة ، وتحريرها من قيود الشرائع والقيم الدينية والأخلاقية ، وقد خرجت منها توصيات كثيرة تخالف الشريعة الإسلامية ، ومنها ما يتعلق بحقوق الأولاد والنساء .

 

([1]) سورة النور ، الآية 32

([2]) بن قتيبة ، غريب القرآن ، ط 1 ، ، ص 304

([3]) الجصاص ، أحكام القرآن ، ط 1 ،  ، 5 / 178

([4]) أخرجه الترمذي في السنن  ، 2 / 385 ، باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه ، برقم (( 1084 )) ، والحديث صححه الألباني في مشكاة المصابيح ( 2 / 929 )

([5]) المباركفوري ، تحفة الأحوذي ، ط 1 ، 4 / 173

([6]) أخرجه أحمد في المسند ، 2 / 197 ، برقم (( 828 )) ، وقال محققوه ((إسناد. ضعيف لجهالة سعيد بن عبد الله الجهني، وضعف إسناده الحافظ ابن حجر في “الدراية” 2/63))

([7]) ابن كثير ، مسند الفاروق ، ط 1، 1 / 397

([8]) أخرجه أحمد في المسند ، 5 / 55 ، وصححه الألباني في الصحيحة ( 1 / 498 )

([9]) النووي ، شرح صحيح مسلم ، ط 1 ، 9 / 206

([10]) ابن نجيم ، البحر الرائق ، ط 1 ، 4 / 196

([11]) ابن بطال ، شرح صحيح البخاري، ط1  ، 8 / 48

([12]) سورة النساء ، الآية34

([13]) سورة المائدة ، الآية 2

([14]) سورة النمل ، الآية  7

([15]) سورة القصص ، الآية  29

([16]) أخرجه البخاري في الصحيح ، كتاب النكاح ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) 7 /3 ، برقم ( 5065) .                  

([17]) سورة النور، الآية  33 .

([18]) النووي ، شرح صحيح مسلم ، ط 1 ، 9 / 206

([19]) ابن إبراهيم ، فتاوى ورسائل ، ط1  ، 10 / 6

([20]) عفانة ، فتاوي يسألونك ، ط1 ، 5 / 188  

([21]) زيدان ، المفصل في أحكام المرأة ،ط 1 ،  6 / 359

([22]) العضل : من عضل فلان أيمه، إذا منعها من التزويج يعضلها ويعضلها عضلا ، الأزهري ، تهذيب اللغة ، ط1 ، باب العين والضاد مع اللام ، مادة عضل ، 1/300

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.