جماعة عباد الرحمان….. عظمة العطاء وروعة الانجاز.
ثمانية وثلاثون عاما من الكفاح الدائم والعطاء المتواصل مرت علي عمر جماعة عباد الرحمان المباركة منذ تأسيسها في عام 1978 علي يد ثلة من الشباب الطاهر والشيوخ الأخيار حملوا هم الإسلام والعمل له والحياة فيه. وهبوا لتجديد البناء الإسلامي في السنغال الذي امتدت إليه يد التغربب الخبيثة من الاستعمار الفرنسي الغاشم وأعملت فيه معاول الهدم والتخريب فأضعفت أركانه وقطعت أوصاله. وإزالة ما لصقت به من رواسب الجهل والتخلف ومخلفات الجاهلية المتوارثة التي شوهت صورته وكدرت صفاءه.
لقد أبلت الجماعة بلاء حسنا في سبيل الإحياء الإسلامي في المجتمع السنغالي الذي أحدث فيه تغييرا جذريا شمل كل مناحي الحياة وغطي كل شرائح المجتمع. انطلقت جذوته من المساجد وامتدت أشعتها إلي البيوت والشوارع والمدارس والجامعات والأسواق والمكاتب تضيء العقول وتنور القلوب مخترقة جدران التغريب والعلمنة والتجهيل السميكة التي شيدها الاستعمار الغاشم ومن بعده ورثته الأوفياء لقطع صلة السنغاليين بدينهم وتراثهم متمثلة في شباب ملتزم ونساء محتشمات وشيوخ راشدين يعتز بهم الدين ويفتخر بهم الوطن.
فإذا كان اسم ( عباد الرحمان) مسمي لذلك التنظيم الرباني الذي ربي جيل المصاحف ورواد المساجد وعشاق العلم والذي غير قواعد المجتمع وأصبح رغم حداثة نشأته وقلة إمكاناته مكونا أساسيا في التركيبة المجتمعية يحسب له ألف حساب فإنه في قاموس السنغاليين علم للالتزام واسم مرادف للطهر والعفاف والنبل لما صبغ به المجتمع السنغالي من التدين الصحيح و السلوك الجميل والخلق الراقي وليس فقط لقبا لتنظيم أو جماعة.
وعلي الرغم من قلة ذات اليد وضعف الإمكانات فقد تركت الجماعة بصماتها الظاهرة تشهد على عطائها الجم وإنجازها الكبير في مجال العمل الخيري وتقديم الخدمات الضرورية والمساعدة للمحتاجين فبنت المساجد والمدارس وأقامت المشافي وحفرت الآبار لهم.
وحرصت الجماعة منذ نشأتها على حفظ النسيج الوطني وتحقيق الوحدة الاسلامية في السنغال فوثقت صلاتها بكافة البيوتات الدينية والتشكيلات الدعوية فيه.
والجماعة كأي تنظيم بشري أصابت وأخطأت ومرت بانعطافات حرجة في مسيرتها وأزمات داخلية تمخضت منها انشقاقات ضربت هيكل الجماعة وذهبت بعدد من كوادرها وجزء من قواعدها ما أضعف نشاطها وحضورها علي الساحة الدعوية مقارنة بالماضي.
ومع ذلك استطاعت أن تحافظ على كيانها وتماسكها. وهاهي اليوم تخرج من مؤتمرها الحادي عشر في ظروف استثنائية تعاني فيها الحركة الإسلامية من الركود والغياب عن نقاشات القضايا الوطنية ومواكبة التطورات على الساحة السنغالية. وتفتقد فيها إلى الأداء الإعلامي المتميز الذى يرقى إلى مستوي تطلعات الجماهير والتغيرات المجتمعية والتطور التكنولوجي. وتمثل فيها أمام الحركة الاسلامية إشكالية الإرهاب بتداعياته وأبعاده الكثير وأطروحات الفصل بين الدعوي والسياسي. والتعامل مع هذه المعطيات يتطلب قدرا كبيرا من الحنكة و المرونة والديناميكة وقبول المراجعة والتجديد.
انتخاب الجماعة في هذه الظروف قيادة جديدة لها وعلى رأسها الشيخ الحليم المتواضع الدكتور عبد الله لام الذي يحظى بخبرة دعوية كبيرة و يتميز بالانفتاح وخفة الظل ويحظي بقبول واحترام جميع منسوبي العمل الإسلامي قرار حكيم يعبر عن الوعي العميق بطبيعة المرحلة وتحدياتها ومتطلباتها في أوساط الجماعة. ويبعث علي الأمل في مستقبل مشرق للدعوة وحركة بعث جديد للعمل الإسلامي يفرح به المؤمنون بنصر الله.
عبد القادر انجاي
مقال ككل المقالات التي سطرتها يد المفكر الإسلامي الوسطي عبد القادر انجاي الرزاق( غزالي السنغال)، كلمات مخلصة؛ شواهد اخلاصها تطفو فوق الكلمات والعبارات، كلمات جميلة لأنها تعبر عن مشاعر صادقة بعيدة عن المجاملة والرياء، أدركت مدى إخلاص صاحب المقال وهو يكتب مقاله لأن بشاشة اخلاصه لامست شغاف قلبي بقوتها الناعمة، قرأت المقال وكادت الدموع تنسكب من عيني لينحدر على قسمات وجهي، لأن المقال على الرغم من قصره إلا أنه نقلني في سياحة امتدت في عمق سنوات من الدعوة والإصلاح والتضحية التي تشكل عمر هذه الجماعة الربانية المباركة، قرأت المقالة القصيرة وكأني وسط رجال مؤمنين قضوا نحبهم ممن أسسوا هذه القلعة الإسلامية المباركة، وعلى راسهم الداعية الشاب المثقف الواعي الذي فاق زمانه المفتش والداعية الغيور الاستاذ علي غي رحمة الله عليهم جميعا.
فبارك الله فيك يأيها الكتاب العبقري، وأبقاك وقلمك الذي تقطر حكما وهديا ونورا، أسأل الله أن يبقيك مصدر إشعاع علمي وفكري تتهادى منه قيم الوسطية والاعتدال.