ثم جاء الحبيب مصطفى (صلى الله عليه وسلم)
(*) اندي غوني غي
في وقت كانت البشرية في أمس الحاجة إلى منج ينجيهم من ضلال الكفر إلى نور الإسلام، و من قيود العبودية إلى سلام الحرية، في الوقت الذي كان الحكم فيه للأقوياء؛ حيث كانوا يستولون على الضعفاء و يستعبدوهم، و يذلون النساء و يأدون البنات و يفشون في الأرض الفساد… جاء حبيبي مصطفى عليه أفضل الصلوات.
هو بن عبد الله و آمنة النبي الأمي الذي لولاه لعشنا في ظلمة هالكة، الذي به اختتمت النبوة و الرسالة، و هو الذي بلغ الرسالة و نصح الأمة و جاهد في سبيل الله حتى لقي ربّه.
لقد وقفت في حياته اليوم وقفة الظمآن في الصحراء الجاف ليخلو في التفكير نحو الحيل الأفضل لإرواء ظمئه، فما خطوت بعد وقفتي هذه خطوة إلاّ أدركت من جملة ما أدركت مصداقية رسالته وربانية تعاليمه.
فمحمد الذي قاتل المشركين و أبلى بلاء حسنا حتّى لم يبق في غمده سيف و لا في كنانته سهم مع كثرة الأعداء و صعوبة مراسهم، هو نفسه الذي سامح المشركين بعد تمكنه منهم و أطلق سراحهم. لذا علينا الاقتداء به وبحياته عليه السلام.
فإن كنّا نحبه و نتشرف بقدومه إلينا لا يجب أن نرى غريقا في الماء متخبطا، أو حريقا يتقلب في النار دون الشعور بضرورة مساعدته.
و إن كنا نحبه لا يجب أن نبيع ديننا و نترك الآخرين يلهون به، بل يجب أن نتصرف كما كنا سنفعل لو هاجمنا لص من اللصوص.
و إن أحببناه بصدق لا يجب أن نؤثر العمل على المبيت على أعراض الناس، و التحاسد غيظا لحرمانك ممّا قسم الله لهؤلاء
و إن كنّا نحبه و نقدره حقّ قدره، لا نبيت على أعراض الناس و نطيل النهار عليها للوقوع على سيئاتهم و الحصول على ما سنجرحهم به، و خاصة في المواقع الاجتماعية حيث أصبح السب و التفكير أهون شيء لدى الكثيرين، اللهم إلّا من رحم ربّك.
فهذا الدين الذي نفتخر بانتمائنا إليه لا يجب أن نوسخه بما لا يرضي خالقنا، لقد ورثناها كابرا عن كابر، جيلا بعد جيل، إذا فلتكن دعوتنا بالحكمة والموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي أحسن.
أن كنا فعلا نحبه علينا أن نلجأ إلى تعاليمه ونطبقه في حياتنا العامة والخاصة
مبارك فيكم أيها الأخت الكريم كثر الله أمثالك