برنامج فضاء الأبجدية يستضيف الشاعر علي باه
حماه الله شيخنا صو (*)
ضمن فعاليات نادي السنغال الأدبي الثقافية استضاف الشاعر حماه الله شيخنا صو معد برنامج فضاء الأبجدية الشاعر علي باه
وأجرى معه حوارا تعريفيا، وأخذ برأيه في مختلف موضوعات الشعر والشاعرية.
استهل البرنامج بقصيدة للشاعر محمد الأمين جوب يرحب فيها بالشاعر الضيف:
إلى العاشق الكبير ضيفُ المساء: علي باه
على الجنوب ضجيج فالهوى انكشفا
نَادَى الجمال “عليًّا” والمقام صفا
كأنّ عينًا ب”سالوم” المدى انبجست
وكان كلّ بهاء الأرض مُنخسفا
“عليُّ” يبتكر النايات أغنية
على خطاه نسيم البوح قد وكفا
أتي و جلبابه من صُنع عَنترةٍ
وقلبه منبعُ الإبداعِ مُذْ عُرفا
الشعر يهتز فرحانا على يده
والريش يرقص ما راح المنى أسفا
للنّاس قيس ولي قيْسٌ أجلّلُه
ليلاه مريمة أخرى بها اعترفا
قُل للقصيدة إني لم أمُت شبقًا
لكنني خلف بحر الشعْرِ مرتشِفا
الشاعر علي باه من مواليد ١٩٨٨ ب ساري بوبا في منطقة سالوم، تربى في بيئة فلانية خالصة، حيث رعيُ الأبقار والغنم والزراعة وتمتاز تلك المنطقة بمناخ شديد البرودة، شديد.الحرارة.
تأثر بعمه المنشد الديني، فكان يحلم أن يكون مثله، وأن يكون شاعرا بالفلانية، ويتغنى بأمجاد الأجداد ومفاخرهم.
بدأ تعلمه في نيورو ثم واصل في اندر على يده شيخه ومهذبه سليمان باه، وكان كل دراساته على المنهج التقليدي، أو ما يسمى المجالس حيث إنه لم ينتسب إلى الدراسة النظامية. أحب اللغة العربية حبا جما؛ لذا جاوز كل العقبات التي كانت تواجهه في طريق تعلم العربية في تلك المناطق.
تفجرت قريحته الشعرية في اندر بعد مفارقة بيئة حياته الأولى وذكرياتها في نيورو.
من ممارسة كرة القدم واكتساب ثقافة في معرفة نجومها وأبطالها، إلى ممارسة الشعر والتألق في سمائه، حيث إن الشاعر كان من هواة كرة القدم وما يزال من متابعي فعالياتها. وأمل الشاعر الوحيد هو وحدة الكلمة للأمة الإسلامية، حتى يراها متماسكة قوية متحدة.
ويقول مجيبا عن تعريف الشعر والشاعر: “إن الشاعر هو من يشعر بهموم الآخرين، ويحاول انعكاس هذه الهموم في كلماته الرقيقة والصور البليغة، ويمد إليهم يدا تخفف مما يشعرون به من آلام وأحزان، والشعر هو تلك الهدية التي تأتي من الشاعر تسلية لمعاناة الآخرين”.
ويتخلل الحوار نص من الشاعر وبإلقائه، يقول فيه:
اصعد على البيت العتيق وأذنَنْ
أنا بلون الأسود السعداءُ
………………………
لوني من الله الحكيم وكل ما
صنع الحكيم فحكمة علياء
……………………..
هذا بلال كان تحت أمية
واليوم دون نعاله الجوزاء
ومضى أبو لهب بلعن خالد
وله من النسب الشريف رداء
ويبدي رأيه عن الشعر العربي في السنغال قائلا: “الشعر في السنغال على ما يرام، قبل دخول مواقع التواصل الاجتماعي كنت أظن أن الشعر توفي منذ أن توفي أجدادنا الشعراء الكبار لكن تبين لي خطأ ظني بعد ذلك. لقد رأيت في الشعراء الموجودين شاعرية لا مثيل لها، فهم موهوبون، مبدعون، ترى في شعرهم جزالة اللفظ ودقة المعنى، وهذا هو الشعر، ولهم مستقبل واعد”.
للشعر أغراض كثيرة، من مدح وهجاء ورثاء وفخر وغزل،… وقد كتب شاعرنا في كل هذه الأغراض، لكن شعره يمتاز بغزارة الغزل، وهو مشهور بغزلياته عن “مريم”! فما السبب؟
فيجيب علي باه عن السبب: “أنا وقعت في الحب ولم أكن أتوقع أنني سأقع فيه، وهذا ما جعلني شاعرا، وأما مريم فاسم مستعار لمحبوبة سميتها مريم من غيرة! وأقول في ذلك:
ضجر من الأصوات إلا صوت مَنْ
مِن غيرة سميتها مرياما
وقد أحببتها كل المحبة، حبا لا يتصور -والله العظيم- ومع الأسف تزوجها غيري وكنت أتوقع كل شيء غير هذا، وهذا ما جعلني أتغزل كثيرا تذكرا للأيام الجميلة، والكلمات الرنانة التي كنت أسمعها منها.
أقول فيها:
تَوَقَّفْ إن مررتَ بحيِّ مَرْيَمْ
وقلْ إن شئتَ حيَّاكمْ عليُّ
فإنَّ الحيَّ يعرفني وحُبِّي
كما عرفَ القريضَ الأصمعيُّ
قضينا خير أيام التصابي
هنالكَ والزمانُ لنا وليُّ١
فأسقيناهُ حبًّا كلُّ حبٍّ
جليٍّ حينَ تذكرهُ خفيُّ
وأسقانا صميمَ الحبِّ حتَّى
وَهِمْنا أنه أبدًا وليُّ٢
ولمَّا شاب وُدُّ الدهرِ عُدنا
إلى ما كانَ يسخرنا الوليُّ٣
بنات الحيِّ هل في الحيِّ مَرْيَمْ
فقد عدنَا كما عادَ الوليُّ٤
أَجِبْنَ فإنَّ مابي ليس يخفى
وهل يخفى الأريج العنبريُّ
فقلنَ بنَبْرَةٍ تُوحي انتقَامًا
تزوجها لثَرْوَتِه الوَلِيُّ٥
فأنكرتُ الذي أخبرنَ نُكرًا
ولمَّا صَحَّ أنكرني الوليُّ٦
فذاب القلبُ وانتشرتْ دموعي
فقال الدهرُ ما بكَ يا عليُّ!
فقلتُ لسائلٍ أدرى بحالي
أتاني من سِهامكَ سمهريُّ
فكيفَ جزيتِني خفيْ حنينٍ
وإني الصبُّ والخلُّ الوفيُّ
بنات الحيِّ إن الحبَّ باقٍ
ولكن مَالَه بعدي وليُّ٧
جزاؤُكَ إن منحتَ الغيدَ قلبًا
أنينٌ أو حنينٌ سرمديُّ
فلا تنكرْ فحُكْمٌ من خبيرٍ
له في حكمهِ سندٌ قويُّ
……………………..
١ نصير حليف
٢ محبٌّ
٣ جار
٤ مطرٌ
٥ عقيدٌ
٦ صديق
٧ تابع مطيع.
وهذه القصيدة تترجم كل شيء”
ثم فتح باب الأسئلة عن مختلف موضوعات الشعر، وعن الأمور اللازمة لتنمية الموهبة الشعرية، وعن الاشخاص الذين يقرأ لهم، والذين تأثر بهم، وفي مقدمتهم المتنبي، وعن رأيه في الشعر الحديث؛ قال: “إنه يحترم رواده لكنه يبقى على كلاسيكيته”!
إلى غير ذلك من الأسئلة الموجهة إليه.
وختم مدير البرنامج الحوار بشكر الضيف والمتابعين، ثم فتح باب التعليقات.
على أمل أن نلتقي معكم في الحلقة القادمة، من برنامجكم فضاء الأبجدية، يوم الجمعة ٢٣/٢/٢٠١٨ إن شاء الله تعالى، مع ضيف جديد.
وإلى ذلك الحين كونوا بألف خير وعشق.
إعداد وتقديم: الشاعر حماه الله شيخنا صو
المتعاون: الشاعر برهام توري
الاشراف العام: المراقب العام الشاعر عبد الأحد الكجوري.
(*) شاعر ومدير الحوار