النظرة الجزئية للنصوص: طرح وبديل

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، الذي جاء بكتاب كالشمس في ضحاها، وبسنة كالقمر إذا تلاها، فمن تبعهما عاش في ضوء النهار إذا جلّاها، ومن أعرض عنهما تخبط في ظلمة الليل إذا يغشاها.

وبعد فإن النصوص الشرعية ( قرآنا، وسنة: قولية، فعلية، تقريرية، أو إجماعا) ([1]) منتظمة ومتعاضدة، لا تعارض فيها البتة، وإن بدا فذلك يكون في ذهن المجتهد وتصوره ([2])؛ لذلك ينبغي اتخاذ منهج رشيد ضمانا لسلامتها، وحفظها من العبثية.

وإن من أخطر المعضلات المنهجية في أدبيات التعامل مع النصوص، تلك النظرة التجزيئية التي تقتصر على إيراد نص يتعلق بحكم دون وضعه في سياقه العام من مجمل النصوص المتصلة بالحكم؛ إذ من الأحكام ما لا تتضح صورتها إلا إذا جمعت النصوص التي تتعلق بها، والنظر إليها بمنهج قويم، والذي رسمه الأصوليون في باب الاستدلال.

هذا، وإن من شأن النظرة الجزئية قطع السياق العام للأحكام، وشيوع الفوضى الاستدلالية التي يستتبعها تنزيل خاطئ للنصوص على دنيا الواقع.

   من أسباب النظرة الجزئية للنصوص:

1-  قلة الاطلاع، وضيق الأفق في استقصاء النصوص المتعلقة بالحكم.

2-  الجهل بأدبيات الاستدلال في التعامل مع النصوص.

3-  تلمس حُكْمٍ بغية تبرير موقف ما لحاجة في نفس يعقوب.

وما من شك أن هذا تعامل لصوصي مع النصوص يكشف عن منهج عبثي.

   من مظاهر هذه النظرة:

1-  نفي حقائق ثابتة، كنفي بعضهم علاقة الإسلام بدنيا الناس، بناءً على نص جزئي: (أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ) ([3]).

2-  ضرب النصوص ببعضها، والإيحاء بوجود اضطراب مزعوم في النصوص.

3-  التضييق والتعسير على الناس نتيجة النظرة الأحادية للنصوص، وإعطاء القضية غير حجمها الحقيقي، إما بتهويل الصغير، وإما بتهوين الكبير.

   من نتائج النظرة الجزئية:

1-  التنزيل الخاطئ للأحكام على الناس.

2-  تفشي ظاهرة التدين الفردي، وحصر الحق في دائرة ضيقة، والإنكار الشديد على المخالف….

   المنهجية البديلة:

1-  النظرة الشاملة للنصوص المتعلقة بالموضوع الواحد.

2-  تتبع المنهج الاستدلالي الأصولي، ويتطلب عدة آليات منها:

أ‌-     التحقق من صحة النص (الحديث) متنا وإسنادا.

ب‌-           إذا سلم النص الجزئي([4]) عن معارض وجب العمل به، قال ابن تيمية – رحمه الله -:  » فيجب إثبات ما أثبته الدليل السالم عن المعارض  » ([5]).

ج‌-  إذا كان للنص معارض يجب الجمع بينهما، قال الشاطبي – رحمه الله -:  » فإذا ثبت بالاستقراء قاعدة كلية ثم أتى النص على جزئي يخالف القاعدة بوجه من وجوه المخالفة فلا بد من الجمع في النظر بينهما  » ([6])، وهذا الجمع قد يكون تخصيصا لعام، أو تقييدا لمطلق، أو تفسيرا لمجمل، أو ناسخا لمنسوخ إلى غير ذلك من طرق الجمع والترجيح ([7]).

3- ربط النص الجزئي بالكليات على وجه لا يخل فيه أحدهما بالآخر، لتجري الشريعة على نظام واحد لا اختلاف فيه ولا تناقض([8])، وقد نبه الشاطبي إلى قوة الصلة بين الجزئيات والكليات، وأن كلا منهما لا يستغني عن الآخر؛ حيث قال:  » فمن الواجب اعتبار تلك الجزئيات بهذه الكليات عند إجراء الأدلة الخاصة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس؛ إذ محال أن تكون الجزئيات مستغنية عن كلياتها؛ فمن أخذ بنص مثلا في جزئي معرضا عن كليه فقد أخطأ، وكما أن من أخذ بالجزئي معرضا عن كليه فهو مخطئ كذلك من أخذ بالكلي معرضا عن جزئيه « ([9]).

4- تلمس مقاصد النصوص، للوقوف على علل الأحكام ومراميها، لتنزيل النصوص وفق هذه المقاصد؛ لما تقرر من أن كلما خالف قصد الشارع فهو باطل([10]).

وما سبقت الإشارة إليها كانت مقدمة لا بد منها قبل الشروع في عرض نماذج من النظرات الجزئية، وإلقاء الضوء عليها وفق المنهج الأصولي والاستدلالي.

الأنموذج الأول: مسألة إسبال الإزار وتقصيره

ثمة أناس يحكمون على مسبل الإزار بالنار، بناء على حديث: (مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ) ([11])، وحديث: (ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). قُلْنا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا، فَقَالَ : (الْمَنَّانُ، وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ) ([12]).

فإذا نظروا إلى عالم أو داعية مسلم لا يقصر ثوبه، حكموا عليه بالفسق، ورموه في أنفسهم – وربما علانية – بقلة الدين ([13]).

مناقشة وملاحظة: وستتم وفق البُعدين الآتيين:

   البعد العرفي والمقاصدي:

إن مما لا شك فيه أن الإسلام يجعل من المسلم شخصية متميزة، في زيه وهيئاته وتصرفاته وأعماله حتى يكون قدوة حسنة، تجعله جديرا بحمل الرسالة العظمى للناس([14])، واللباس غالبا ما يخضع للعرف، مع الأخذ بعين الاعتبار الضوابط اللازمة، ليس هنا محل تفصيلها.

وبنظرة خاطفة وفق المنظور المقاصدي ندرك أنّ قضية اللباس تُصَنَّف في باب التحسينات التي  » يقصد بها الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها الراجحات … ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق  » ([15]).

والتحسينات تأتي في الدرجة الثالثة بعد الضروريات الخمس، والحاجيات، في دونهما في المنزلة والدرجة ([16]).

فإذا ثبت هذا فهل يستوي من ترك طرفا من التحسينات بالذي ترك الضروريات في الإثم باعتباره ارتكب محرما، واستحق النار؟ فهذه قسمة ضيزى، وإخلال بسلم الأولويات التي تعطي لكل حكم تسعيره، لذلك نبه الشاطبي إلى ضرورة إدراك مستويات التروك وفق السلم المقاصدي فقال:  » إن المعاصي منها صغائر ومنها كبائر، ويعرف ذلك بكونها واقعة في الضروريات أو الحاجيات أو التكميليات، فإن كانت في الضروريات فهي أعظم الكبائر، وإن وقعت في التحسينات فهي أدنى رتبة بلا إشكال، وإن وقعت في الحاجيات فمتوسطة بين الرتبتين  » ([17]).

وبهذا النص الدقيق يحقّ لنا القول على أن إسبال الإزار، ليس محرما كما يظن البعض، بل هو – على افتراض حصول ملامة – فعل خلاف الأولى، لا يستحق صاحبه اللوم فضلا عن العقاب.

   البعد الاستدلالي المنهجي:

إن معظم القائلين بدخول مسبل الإزار في النار لم يكلفوا أنفسهم عنان البحث عن العلة من وراء هذا الوعيد الشديد، والرجوع إلى مجموع النصوص المتصلة به؛ إذ لو رجعوا إلى مجموع الأحاديث المتصلة بهذه القضية، وردوا بعضها إلى بعض في ضوء نظرة شاملة لمقاصد الإسلام من المكلفين في شؤون الحياة العادية، لوجدوا أن هذا الوعيد الشديد ليس فقط في مجرد الإسبال، بل العلة إنما هي « الخيلاء والكبرياء » في إسبال الإزار، والله لا يحب كل محتال فخور ([18]).

والنص على هذه العلة جاء موَضَّحا في حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله  -r- :(مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). قَالَ أَبُو بَكْرٍ – رضي الله عنه – : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِى، إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ -r- : ( لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلاَءَ ) ([19])، وفي صحيح مسلم: (مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ لاَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلاَّ الْمَخِيلَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ([20]).

قال النووي – رحمه الله -:  » والخيلاء : الكبر، وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل إزاره، ويدل على أن المراد بالوعيد من جر ثوبه خيلاء، وقد رخص النبي-r- في ذلك لأبي بكر الصديق – رضي الله عنه -، وقال:  » لست منهم  »  إذ كان جره لغير الخيلاء  » ([21]).

وعليه فإنه ينبغي حمل مطلق (مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ) على مقيد (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ) وبهذا يستقيم منطق الدين، ويزول اللبس ([22]).

أي أن حكم الوعيد بالنار في حق من أسبل إزاره يريد به التكبر والتجبر، لا من أسبل ولا يريد به ذلك، بل إن مطلق التكبر منهي عنه، إلا ما خصه الدليل([23]).

فجر الثوب خيلاء عمل محرم؛ إذا كان تعبيرا عن صفة محرمة، فلو أن العادة انعكست، بحيث أصبح قصر الجلباب تعبيرا عن الكبر والخيلاء، فإن الحرمة تتحول إليه، ويعود طول الجلباب إلى أصل الإباحة ([24]).

فيتضح مما سبق أن النص الجزئي قد يفيد حكما، لو رجع إلى الكليات لاح فيه حكم آخر غير الذي أفاده وهو جزئي؛ لذا يلزم لفهم القرآن والسنة أن تجمع النصوص الواردة في الموضوع الواحد، بحيث يرد مشتبهها إلى محكمها، ويحمل مطلقها على مقيدها، ويفسر عامها بخاصها، وبذلك يتضح المعنى المراد منها، ولا يضرب بعضها بعضا، وهذه النظرة الشمولية للنصوص أفضل ضمان للتوازن بين الثوابت والمتغيرات ([25]).

ولا يُفْهَمَنَّ أني ضد تقصير الإزار، لا وألف لا، فلا أجرؤ على رد نص يمدح المقصرين، بل غاية ما أريد الإشارة إليه هي أن لا نتسرع في إصدار الأحكام بناء على نص جزئي، بل ينبغي فهم الجزئي في إطار الكلي، وما لم يوجد هذا النوع من الفقه فإن المظلوم بالدرجة الأولى هو الدين نفسه، على أيدي أناس لا يحسنون فهمَ تعاليمه.

وسنعرض نماذج أخرى إذا سمح الوقت بمشيئة الله.

هذا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه/ الحسين كانْ الفوتي

كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس – ليبيا

حقوق النشر: محفوظة لموقع (الوسطيون).

12/01/2017م.

1-  ينظر: غذاء الألباب شرح منظومة الآداب، محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي، تحق:  الشيخ محمد عبد العزيز الخالدي، ن: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان: 1417هـ – 1996م، (1/173).

[2] – ينظر: زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم، تحق: شعيب الأرناؤوط – عبد القادر الأرناؤوط ، ن: مؤسسة الرسالة – مكتبة المنار الإسلامية، بيروت – لبنان، الكويت: 1407هـ – 1986م، (4/149).

[3] – رواه مسلم في كتاب الفضائل، باب: وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ذكره -r- من معايش الدنيا على سبيل الرأي، برقم: (6277).

[4] – هو ما يدل بذاته على الحكم في مسألة، كدلالة قوله تعالى: )وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ( [البقرة : 43] فهذه الآية دليل جزئي، تدل على حكم الصلاة والزكاة في الشرع، وهو الإيجاب على المؤمنين، وكانت دليلا جزئيا، لأنها لا تدل على وجوب عبادة أخرى، غير الصلاة والزكاة، كالصوم والحج …

ويقابله الدليل الكلي/ الإجمالي، وهو: ما لا يتعلق بشيء معين كمطلق الأمر والنهي، فإنه ينتج حكما كليا، وهو الوجوب والتحريم، ما لم تصرفه قرينة عن ذلك. [ معجم مصطلحات أصول الفقه، د. قطب مصطفى سانو، دار الفكر المعاصر، بيروت – لبنان، ودار الفكر، دمشق- سوريا:1420هـ – 2000م، ط: 1، ص: 207 ].

[5] – مجموع الفتاوى، لابن تيمية، تحق: عامر الجزار، وأنور الباز، ن: دار الوفاء، القاهرة – مصر: 1426هـ – 2005م، ط: 3، (3/19).

[6] – الموافقات في أصول الشريعة، للشاطبي، تحق: عبد الله دراز، ن: دار المعرفة، بيروت – لبنان، د،ت،ن، (3/9).

[7] – ينظر: البحر المحيط في أصول الفقه، للزركشي، تحقيق: الشيخ عبد القادر عبد الله العالي، و د. عمر سليمان الأشقر، ن: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت: 1413هـ – 1992م، ط: 1،(6/11).

[8] – ينظر: الموافقات، (2/393).

[9] – الموافقات، (3/8).

[10] – الموافقات (2/227).

[11] – رواه البخاري في كتاب اللباس، باب: ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم: (5787).

[12] – رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب: غلظ تحريم إسبال  الإزار… برقم: ( 306).

[13] – ينظر: كيف نتعامل مع السنة النبوية، معالم وضوابط، للقرضاوي، ن: المعهد العامي للفكر الإسلامي، هيرند، فرجينيا- الولايات المتحدة الأمريكية، ودار العربية للعلوم، بيروت – لبنان: 1427هـ – 2006م، ط: 9، ص: 121.

[14] – ينظر: شخصية المسلم، د. محمد علي الهاشمي، ن: دار البشائر الإسلامية، بيروت – لبنان: 1414هـ – 1993م، ط: 5، ص: 33.

[15] – الموافقات، (2/11).

[16] – وليس معنى ذلك أن تهمل التحسينات وتضرب بها عرض الحائط على أساس أنها دون الحاجيات والضروريات في المبلغ والمرتبة، فهذا لم يقل به أحد من العلماء المعتبرين، بل الثابت أن كل مرتبة من مراتب هذا القسم تنضمُّ إلى بعضها، وتتكامل فيما بينها؛ فالحاجيات تكملة وتتمة للضروريات، والتحسينات تكملة للحاجيات وهكذا، فينبغي المحافظة عليها جميعا، لأن الإخلال بإحداهن ذريعة إلى الإخلال بالكل [ الموافقات، (2/22)، وضوابط المصلحة، للبوطي، ن: مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان: د.ت.ط، ص ص: 251-252 ].

[17] – الاعتصام للشاطبي، تحق: : هيثم خليفة طعيمي، ومحمد الفاضلي، ن: المكتبة العصرية، بيروت- لبنان: 1426هـ – 2005م، ط: 1، ص: 261.

[18] – كيف نتعامل مع السنة، للقرضاوي، ص: 121.

[19] – رواه البخاري، في كتاب اللباس، باب: من جر إزاره  من غير خيلاء، برقم: (5784).

[20] – رواه مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب: تحريم جر الثوب خيلاء، وبيان حد ما يجوز إرخاؤه إليه، وما يستحب، برقم: (5580).

[21] – صحيح مسلم بشرح النووي، ن: مؤسسة قرطبة، جيزة – مصر: 1414هـ- 1994م، ط:2، (2/154).

[22] – ينظر: دراسة في فقه مقاصد الشريعة، للقرضاوي، مرجع سابق، ص:54.

[23] – كما قال- صلى الله عليه وسلم – لأبي دجانة – رضي الله عنه – عندما رآه يفعل التبختر بين الصفين: (هَذِهِ مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا الله إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ) [ المعجم الكبير، للطبراني، برقم: (6508) ].

[24] – ينظر: وهذه مشكلاتنا، للبوطي، ن: دار الفكر، بيروت – لبنان، د.م.ن، ص: 40.

[25] – ينظر: الفكر المقاصدي، للريسوني، ن: جريدة الزمن، الرباط – المغرب: 1999م، د.ر.ط. ص: 103.

Laisser un commentaire

Votre adresse email ne sera pas publiée.

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.