التخصص في الجماعات الإسلامية بين التوجه الأكاديمي والارتزاق الفكري .

(*) الشيخ انجوغو صمب

علم الأديان والفرق من أقدم العلوم والفنون التي اعتنى به العلماء والباحثون ، حيث يتناول ظاهرة التدين ويحلل أسبابها ودوافعها وصراع الأديان والمتدينين… ، وكان هذا العلم قديما فرعا من فروع علوم أخرى مثل التاريخ والاجتماع والفلسفة ، ثم تطور حتى صار علما مستقلا يحمل أسماء مختلفة .
ففي القرآن الكريم مثلا حديث مفصل عن الأديان والمتدينين ، حيث يوجد قصص الأنبياء والمرسلين مع اقوامهم ، وذكر ما أنزل الله عليهم من الكتب والصحف ، وما كان عليه البشرية من التوحيد وكيف انحرفت عنها الى الشرك وعبادة الاوثان وهكذا .
وفي دواوين الأدب إشارات الى شان الأديان وآثارها ، كما ان عند الفلاسفة بحثا طويلا عن الإيمان والكفر والغيب والأخلاق .
ولا تخلو بقعة في الأرض من معالم وآثار تدل على الحياة الدينية والمعتقدات السائدة بين ساكنيها .
هذا ، وفي عصر الرسالة كان أهل الكتاب هم المرجع الأساس لمعرفة قضايا الدين وأخبار المتدينين ، كما في قصة ذهاب خديجة بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ورقة بن نوفل ، وسؤال المشركين اليهود عن حقيقة امره النبي صلى الله عليه وسلم ، وفرحه صلى الله عليه وسلم باسلام بعض علماء اهل الكتاب واقرارهم بوجود اوصافه في كتبهم مما يؤكد صدق نبوته .
وبعد عصر الرسالة نشأت الفرق والملل من خوارج وروافض وجهمية ومعتزلة ، فاعتنى ببحث عقائدهم وتاريخهم طبقة من العلماء من أمثال الشهرستاني وابن حزم والغزالي وابن تيمية وتلميذه بن القيم وغيرهم .
ومع سقوط الخلافة الإسلامية في تركيا 1924 م ظهرت الجماعات الإسلامية والحركات الإصلاحية وتبنت مناهج مختلفة في إصلاح وتغيير أوضاع الدول والشعوب ، ما بين اتجاهات سلفية وأخرى متأثرة بمناهج أخرى منحرفة .
وفي هذه المرحلة اتجهت العلماء والمفكرين لدراسة الجماعات الإسلامية ومناهجها وأفكارها فاشتهرت بعض الأقلام المنصفة مثل الهضيبي ومحمد الغزالي وفتحي يكن وجميل المصري وغيرهم ، كما درست الجماعات في كليات الدعوة وأصول الدين ، وعقدت عنها الندوات والمؤتمرات الدولية تحت عناوين كثيرة مثل التطرف والاصولية والإرهاب وغيرها …
وهكذا دخلت مراكز البحوث والدراسات ودوائر المخابرات الغربية على الخط ، فجندت جيشا من الكتاب والإعلاميين ورجال دين ، ليصبحوا أدوات تستخدم لتشويه صورة الجماعات والحركات الإسلامية والحد من تأثيرها في الناس متسترين باقنعة البحث العلمي والدعوة إلى الوسطية وتعزيز الأمن والاستقرار ونحوها …
ويتميز اصحاب هذا التوجه بعدة أمور ينبغي معرفتها لكل داعية او مصلح حتى لا ينخدع بالدعوات الباطلة والاسماء المنمقة ، ومن تلك المميزات ما يلي :

1-قلة العلم الشرعي وضحالة الثقافة الإسلامية .
2-التعصب لطائفة على حساب طوائف أخرى .
3-الاستقواء باعداء الإسلام من الليبراليين والعلمانيين والسفارات الغربية .
4- عدم الانصاف والموضوعية والتركيز على اعمال أهل الغلو والتطرف .
5-تصيد أخطاء الدعاة والمصلحين للتشهير والتشويه .
وأخيرا .
فإن ظاهرة الارتزاق الفكري مظهر من مظاهر الصراع بين الحق والباطل ، وقريبا ستسقط الأقنعة وتنكشف سوءات المنافقين ،فيذهب الزبد ،ويزهق الباطل ، ويبقى ما ينفع الناس من الدين الخالص ،والعمل الصالح ،والعلم النافع ،ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .

 

(*)  كاتب وباحث في قضايا الفكر والدعوة

Laisser un commentaire

Votre adresse email ne sera pas publiée.

Ce site utilise Akismet pour réduire les indésirables. En savoir plus sur comment les données de vos commentaires sont utilisées.