هل الديبلوماسية السنغالية في خطر؟

(*)  محمد بامبا نجاي

منذ عدة أسبوع كتبت عن زلات الديبلوماسية السنغالية وذكرت بعض مواطن الضعف… و في3 و4 يوليو الماضي جرت قمة رؤساء الدول والحكومات للإتحاد الإفريقي باديس أبابا و كان الرئيس مكي سال من جملة الغائبين عن هذا الاجتماع الهام عن الشباب والتمويل الذاتي للمنظمة الإفريقية من أجل مزيد من استقلالية القرار، واستغرب المراقبون عن تغيب الرئيس السنغالي خاصة وأن من النقاط المدرجة في جدول أعمال القمة حلّ لجنة التوجيه لنيباد التي كان يرأسها السيد مكي سال؛ هذه النقطة الحساسة التي أثارت جدلا ساخنا بين الرئيس الغيني الأستاذ ألفا كوندي الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي والوزير السنغالي للشؤون الخارجية وجالية السنغاليين المقيمين بالخارج السيد مانكور نجاي .

* مسرح أو مسرحية الحادثة:

بينما كانت المداولات تجري على مستوى القمة، تناول الكلمة السيد مانكور نجاي مبعوث الرئيس مكي سال معارضا طرح نقطة إلغاء لجنة النيباد للتوجيه وصرح قائلا: « لم أعارض استدراج هذه النقطة في الجدول من أجل تبرير ولاية ثالثة على رأس لجنةالنيباد للتوجيه، لأننا في السنغال نرفض مبدئيا عن فكرة الولاية الثالثة… »ومن ثم قاطعه رئيس الجلسة السيد ألفا كوندي مخاطبا إياه بلهجة يشوبها نوع من الخشونة: « سامحني معالي الوزير، إنك خارج عن الموضوع، وليس هذا الكلام في وقته ولا في مكانه ثم إن أمر تحديد الولايات إملاء من الغرب، ولا يمت إلى واقعنا الإفريقي بصلة..ولستم مؤهلين لتلقين الدروس في هذا المجال… » . ذكرت روايات متواترة بأن الوزير مانكور نجاي قاطع الجلسة بمجرد انتهاء الرئيس كوندي من ملاحظاته؛ غير أن هناك بيانا صادرا من الوزارة الخارجية يفيد بما يلي:
– إن الوزير مانكور نجاي لم يكن يقصد في كلامه ولايات الرئاسة الجمهورية بل كان يتكلم عن ولاية رئاسة لجنة النيباد للتوجيه.
-وإن الوزير مانكور نجاي ما قاطع أية جلسة من جلسات القمة، بل غادر قاعة المؤتمرات بعد انتهاء المداولات.
وبالرغم من تضارب الروايات فإن بعض الثوابت المزعجة تفرض على المراقبين طرح عدة تساؤلات منطقية منها: – لماذا تغيب الرئيس مكي سال عن هذه القمة الهامة المنعقدة باديس ابابا، والتي تناولت قضايا جوهرية للرؤساء الافارقة ( قضية شباب القارة والتمويل الذاتي للإتحاد الإفريقي من أجل تحقيق استقلاليته) في الوقت الذي شارك فيه الرئيس مكي سال في قمة مجموعة الدول العشرين بالمانيا ؟
-ماهي الدوافع الحقيقية التي تكمن وراء السعي إلى إلغاء لجنة النيباد للتوجيه، والتي يرأسها فخامة الرئيس مكي سال لمدة ولايتين كاملتين؟
أصبح واضحا أن الديبلوماسية السنغالية التي تفردت بزعامة شبه مطلقة في المنطقة منذ عهد الرئيس ليوبولد سيدار سنغور إلى عهد الرئيس عبد الله واد، مرورا بفاصل الرئيس عبده جوف تقهقرت وضعفت شوكتها في الآونة الأخيرة.
* في شهر يناير 2017 فشل مترشح السنغال الأستاذ الجامعي عبد الله باتشيلي لصالح متنافسه التشادي السيد موسى فكي الذي انتخب رئيسا للجنة الاتحاد الإفريقي .
*وفي شهر أبريل 2017، انهزم مترشح السنغال السيد عبد الله جوب الثاني(الوزير السابق المكلف بالميزانية في عهد الرئيس واد) أمام السيد بورايما عبد الله (مترشح النيجر) لرئاسة لجنة الاتحاد الاقتصادي والنقدي لافريقيا الغربية بينما كان السنغال يستولي على هذا المنصب منذ إنشائه إلى يومنا هذا…
* في الوقت الذي تلعب فيه غينيا كوناكري والمملكة المغربية دورا رائدا للبحث عن الحلول المناسبة للأزمة الخليجية الدائرة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين واليمن ومصر من جهة، وبين شقيقتها دولة قطر من جهة أخرى، أصبح السنغال غائبا عن الواجهة واكتفى بالجري وراء الأحداث وكأنه يفضل دور المتفرج البري من دور الفاعل الاساسي للاحداث!
وبناء على هذه الملاحظات وغيرها، يرى المراقبون أن الديبلوماسية السنغالية تفقد يوما بعد يوم من فعاليتها وزعامتهابل ورونقها الإقليمية والدولية. ويبقى أن نعرف بالتحديد من أين يكمن الداء؟

(*)  الوزير السابق للشؤون الدينية والناطق الرسمي للرئاسة الجمهورية سابقا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.