في الطريق إلى 2019 ماذا تغير ؟

عبد القادر انجاي عبد الرزاق

 

تستقبل الساحة السياسية السنغالية انتخابات 2019 بغير الوجه الذي استقبلت به انتخابات 2012 التي وضعت نقطة النهاية لحكم السيد عبد الله واد؛ أول انتقال ديمقراطي في تاريخ السنغال السياسي .
فقد تغير الكثير من المواقف و انقلبت الموازين و خدعت قيم و بيعت ضمائر و اشتريت ذمم و تراجعت قوى سياسية و تقدمت أخرى .

لقد أصيب الشعب السنغالي بالإحباط و النخب الوطنية بالقلق على مستقبل شعب أمسى تحت رحمة الاستبداد و الفساد و الفشل التام بعد ما يقارب سبع سنوات فقط من سيلان دم الشهيد محمد جوب رحمه الله في ميدان (الأوبليسك) ليسقى عروق الحرية و الديمقراطية في بلادنا و تعطر أرضها بأريج الكرامة الإنسانية الزكي .

كان هناك حلم في التغيير صنعه الشعب بدمائه لكن سرعان ما سرقته منه الأيدي الخبيثة للسياسيين الفاسدين و النخبة المرتشية من نظام السيد ماكى صال فإذا شعارات الحكم الرشيد و الشفافية خادعة خائنة و إذا أيقونات الثورة؛ (زيل جوب) (كوليبالي) الخ تلمع وجه الخيانة و الخونة .

لقد خسر الشعب المكتسبات الديمقراطية التي حققها من كفاحه الطويل فأصبحت السنغال حالة مأساوية في تسييس القضاء و غياب المحاسبة و انتهاك حقوق الإنسان و نهب ثروات البلاد و قمع المعارضة السياسية و كبت الحريات و تفاقم الأزمات الاقتصادية و تمكين الشركات الامبريالية العابرة للقارات على مقدرات شعبنا . إنها لكارثة حقيقية و منعطف مظلم في تاريخ شعبنا .

لكن أشعة نيرة من سماء التدافع الاجتماعي و أخرى من أعماق مؤسسات الدولة اخترقت الظلام الدامس و حملت البشرى للمناضلين و جددت الحلم لليائسين .

فأدى صراع الأجيال إلى تمايز الصفوف ما بين؛ صف الطبقة السياسية التقليدية وريثة الاستعمار و حامية مصالحه التي يمثلها تحالف الحزب الحاكم و طيف قليل من المعارضة التقليدية , و صف الطبقة السياسة الجديدة من جيل الوطنيين الأحرار , مبشرا بأفول عهد و بزوغ عهد آخر؛ عهد جديد برموزه و خطابه و سلوكه و طموحاته الثورية . و من هنا كان؛ سونكو, بوغان ,بوكوم , القاضى دم , الكابتن جيي , الخ .

و يتميز هذا الجيل الجديد بكونه من فئة الشباب ما بعد الاستقلال إضافة إلى سيرة ذاتية و مهنية معلومة و نزيهة و خطاب سياسي عقلاني و متزن .

و اللافت أن أبرز رموز هذا الجيل أفرزهم فساد النظام إلى النور حيث كانوا ضحايا الاستبداد بسبب احتجاجهم على الفساد و الرشوة و المحسوبية و رفضهم لها . و كانوا أصدق برهان على فساد حكومة السيد ماكى صال كأنهم إشارة من القدر للشعب السنغالي أن هنالك دافعا للتغيير و طريقا لاستكمال الكفاح و التغيير من جديد و في الوقت نفسه سببا لإحياء الأمل في سنغال حرة و ناهضة .

لعل انتخابات 2019 ستكون المسمار الأخير على نعش الطبقة السياسية القديمة وريثة الاستعمار و خادمة مصالحه الآخذة في الترهل يوما بعد يوم إن أحسن الشعب انتهاز الفرصة التاريخية المتمثلة في هذا الجيل الواعد من الوطنيين الأحرار الذي لا نبالغ إذا قلنا أنه لأول مرة يظهر في الساحة السياسية السنغالية بالميزات التي ذكرنا .

و ما على الشعب إذا إلا اللحاق بموكب التغيير الذي شق طريقه إلى المستقبل: المستقل الذي حلم به أجدادنا و اشتاق له الشهيد محمد جوب عليه رحمة الله فضحى بحياته النضرة في سبيله أمس في ميدان (الأوبليسك) .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.