حكومات جانية وشعب ضحية لكن شريكة في الجرم..

لقد كشفت أزمة كورونا مدى جناية حكوماتنا المتتالية بحق الشعب السنغالي بفشلها في إدارة شؤون البلد وتفريطها في مقدراته و تبذيرها لثرواته،  ما تسبب في عدم قدرة بلدنا على الصمود أمام الأزمة ومواجهتها؛ فليس للشعب من الدخل والقدرة الشرائية ما يتيح له البقاء في المنازل والالتزام بالحجر الصحي من الحصول على لقمة العيش والمستلزمات الوقائية الضرورية من الكمامات ومواد التنظيف و التعقيم، و ليس للحكومة أيضا ما تُؤَمِّن به هذه الضرورات المعيشية والوقائية للمواطنين بعد أن بذرت ثروات الشعب وضيعتها لصالح الطغمة الحاكمة الفاسدة وللشركات الأجنبية العابرة للقارات، و بعد أن أثقلت كاهل الشعب بالديون الهائلة والتي لم تستثمرها في مشاريع جادة تعود بالنفع للشعب في تطوير البنى التحتية والزراعة والصناعة والتعليم وتشغيل الشباب..  بل استثمرتها في ملاعب المصارعة وصالونات الرقص ومشاريع الترف التكميلية الدعائية كالقطار السريع التي تلبي مطالب جنون العظمة لدى السلطة ولا تلبي مطالب التنمية والضرورات العاجلة للشعب.

ولا يخفى أن الوضع الحالي يتطلب حجرا صحيا شاملا لوقف انتشار المرض و ليس منعا للتجوال في الليل و السماح به في النهار، و هو إجراء أشبه بالشكلي الذي لا يحدث كبير فرق، و لم تقم الحكومة بهذه الخطوة الحاسمة و لم تقل لماذا ؟ لأن الشعب ببساطة لا يتحمل لأنه فقير بل تم إفقاره وتبذير ثرواته، ولأن الحكومة أيضا لا تتحمل لأنها فاشلة وفاسدة؛ ضيعت جزءا من مقدرات الشعب في مشاريع تكميلية، وجعلت بعضا منها نهبا للشركات الأجنبية، و تقاسمت الباقي منها، ثم ملأت خزينة الدولة الخاوية بعد إفراغها بالديون الهائلة التي أثقلت كاهل الشعب وإن لم يستفد منها.

وإذا كانت الحكومات المتتالية في إدارة شئون بلدنا جانية بحق الشعب فليس يعني هذا أن الشعب ضحية بريئة بل هو ضحية شريكة في الجرم الذي وقع عليه.

 لو كان أمر اختيار هذه الحكومات يتم بالقهر دون إرادة الشعب لصح القول أن الشعب ضحية بريئة ولكان من التحامل إلقاء اللوم عليه، أما وأن الشعب هو الذي يختار بإرادته الحرة هذه الحكومات الفاسدة وتستبدل الفاسدة منها بالأكثر فسادا.. بينما ينحي جانبا المشاريع السياسية الجادة التي يحملها وطنيون مخلصون وأكفاء، – الذين لم تخل منهم أية انتخابات مرت بالسنغال  سواء كانت رئاسية أو برلمانية – فهو إذا ضحية شريكة في الجرم و ليس ضحية بريئة.

ومع ذلك فيحلو لنا أن نحمل مسئولية تخلفنا على الاستعمار لتخدير عقولنا والهروب من مواجهة الواقع المرير وهو أننا الذي مهدنا له من الداخل ونحافظ على استمرار وجوده بحساباتنا المصلحية الشخصية والطائفية والعرقية والفئوية والتي نستعد للتضحية بمصلحة الشعب من أجلها.

لقد جنى علينا الاستعمار، وجنت علينا حكوماتنا، لكننا جنينا على أنفسنا أيضا ونحن نختار الفاسدين ونقصي المصلحين حين يكون لنا الخيار؛ لذا فجناية الاستعمار والحكومات الفاسدة علينا لا تجعل منا ضحية بريئة بل ضحية شريكة في الجرم.

 

عبد القادر عبد الرزاق انجاي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.