الدورة الصيفية التدريبية لمعلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها

لقد دأبت المملكة العربية السعودية بإشراف خادم الحرمين الشريفين على إقامة أنشطة علمية لخدمة اللغة العربية ونشر العلوم الشرعية داخل المملكة وخارجها لينهل من منابعها الفياضة كل قريب وبعيد، ولعل من أهم تلك الأنشطة الدورة الصيفية التي ينظمها معهد أم القرى لتكوين معلمي اللغة العربية لغير الناطقين، حيث تضم الدورة السنوية دولتي السنغال وإندونيسيا، ولم يكن اختيار الدولتين عبثا ولا اعتباطا إنما تم الاختيار اعتمادا على معايير جغرافية وأثينية عميقة ذلك أن السنغال تقع في أقصى الغرب من القارة الإسلامية مثلما تقع أندونيسيا في أقصى الشرق ولعل تقارب لوني الشعبين له أثره أيضا في ضمهما في ذلك المعهد العلمي العريق…

في الثالث عشر من شهر يونيو هبط إلى مطار جدة عشرون معلماً من السنغال تمّ اختيارهم من قِبَلِ مؤسسات علميَّة عريقة كجامعة شيخ أنت جوب ومدرسة منار الهدى ومدرسة كوكي بقدر ما شمل الاختيارُ مؤسساتٍ إسلاميَّة كان ولا يزال لها دورها الفعال في نشر اللغة العربية والعلوم الشرعية في تكايا البلاد مثل حركة الفلاح وجماعة عباد الرحمان …كذلك هبط عشرون معلما من أندونيسيا يضمّ كوكبة من المعلمين في مراحل متعددة بما فيها المرحلة الجامعية جاءوا من جزر متفرقة لكن يجمعهم لواء واحد وهو كونهم معلمين للغة العربية لغير الناطقين بها….

ما إن نزل هذان الوفدان حتى غمرهم ممثلو المعهد بباقات ترحيبية وكؤوس قهوة أتت لتتناغم مع نسيم الفجر السعودي الذي لم يتذوقه معظم من في الوفدين، ومن ثم رافقوهم  إلى فندق بجوار المعهد ذاك الفندق الذي كان جد ملائم لضيوف خادم الحرمين الشرفين.

انطلقت فعاليات الدورة في اليوم التالي بعد حفلة افتتاحية فتحت للوفدين آفاقا كثيرة تتعلق بالدورة وأجابت عن تلك التساؤلات التي كانت تعتريهم بين الفينة والأخرى.

استطاعت عمادة المعهد بحنكتها وخبرتها أن تختار كوكبة من المتخصصين في فنون متعددة تمتّ بصلة إلى طرائق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، امتازت الحقائب العلمية بكثافتها وجدَّتها ومرونتها، مثلما امتاز المكونون بدماثة خلقهم وعلو كعبهم وسعة باعهم أن يضفوا على هذه المواد العلمية شيئا من التشويق والإثراء والإثارة حتى تمكن الوفدان في آخر المطاف أن يخرجوا من التكوين الذي لم يستغرق أكثر من شهر وبضعة أيام، أن يخرجوا وكأن كل واحد منهم بمثابة طالب قضى في المعهد سنتين أو أكثر.

وقد تخلَّلَ الدورةَ أنشطة ثقافية عالية المستوى والجودة، حيث زاروا تلك المشاعر الدينية العريقة كجبل ثور وجبل نور وجبل الرحمة وقاموا بجولات في عرفة ومنى ومزدلفة وغيرها من المشاعر ، ثم إنهم سافروا إلى المدينة النبوية لثلاثة أيام مفعمة بالزيارات والأنشطة فزاروا مسجد قباء وجبل أحد ومسجد القبتلين وموقع غزوة الخندق

هذا وقد اطلعوا على بعض المشاريع الجبارة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا لخدمة الدين واللغة العربية وخدمة ضيوف الرحمان مثل جمعية هدية الحاج والمعتمر الخيرية وجامع عائشة الراجحي وحلقات عاشور التي يشرف عليها عميد المعهد الدكتور حسن بخاري ومصنع كسوة الكعبة المشرفة ومجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية.

ولم ينته المشرفون على هذا الحد إنما غمروهم بزيارة بعض الشخصيات العلمية مثل الدكتور فيصل غزاوي إمام المسجد الحرام ومؤذني المسجد الحرام وقيادات الكليات اللغوية والشرعية بجامعة أم القرى.

وبعد هذه الأنشطة الحافلة بثمرات تكاد تتحدى قوانين النسيان تنتهي الدورة في الثالث والعشرين من شهر يوليو بحفلة ختامية حضرها ممثل قنصلية السنغال بجدة وشخصيات أخرى تمثل جهات متعددة، ليعود الوفدان إلى دولتيهم وكلهم فرح وسرور سوى ما فيهم من حسرة وحيرة بالغتين من جراء مفارقتهم لهذا البلد الكريم الذي احتضنهم أيما احتضان ولهذا المعهد العريق الذي أكسبهم معارف لا مثيل لها ولهؤلاء المكونين الذين لطالما أغدقوا عليهم من مكنوناتهم العلمية والخلقية.

05/08/2019

عمر لي

2 تعليقات
  1. Abdoulaye mbaye يقول

    السلام عليكم ورحمة وبركاته.
    أسئل الله تعالى أن يوفق لكم لكل خير .
    وبعد كنت أتمنى لو كنتم تتركون الحاضرين في الدورة حتى يشهدوا الحج لكان خيرا على خير

  2. خليفة بجنكا يقول

    السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته .أستحن هذه المجهودات التي تبذلونها لخدمة اللغة العربية عن طريق تأهيل معلميها .لكن هل هناك شروط للاستفادة من هذا التكوين؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.