اعتزازا بغزة الأبية، وبفلسطين الملحمة!

الكاتب/ عبد الرحمان باه

 

 

قد يخذل المرء وهو يبوح بمجرد كلمات، وأخوه يواجه الموت الزؤام بصدر عار إلا من الشجاعة والإقدام، ومن البطولة والإيمان..

هي إذًا كلمات تموت حين تقال، بينما أهل الثغور يبذلون النفوس رخيصة في سبيل الحياة الأبدية الخالدة في الدنيا بالعزة، وفي الآخرة _ إن شاء الله_ مع من حسن رفيقا!

كلمات ليست موجهة إلى أهل فلسطين المجاهدين والمرابطين في بيت المقدس، وفي أكناف بيت المقدس، وفي غزة العزة، لا؛ فأولئك أسمى من أن توجه لهم ته الكلمات، فمثلهم كمثل القمر الذي أعجز ذلك الأعرابي الثناء عليه، فهو بالعلو متصف، وهو النور المنير، فما عساه أن يقال في وصفه بأحدهما وقد زانه بهما الواحد النور، إلا استمتاعا بذكر الكلمات!

 لكنني لم أعجز كالأعرابي المذكور مرة فحسب، بل عجزت مرتين أخراهما عجزي عن عدم البوح بهذه الكلمات، ولعل هذا من معجزات أولئك الإخوان من أهل فلسطين، الذين أبوا إلا أن يسطروا معاني الخلود بهمم تتحدى الموت، وتحيي ما مات من مآثر ومناقب، كانت تخال إلى وقت قريب، من التاريخ الذي مضى ولن يعود..

فشكرا لكم يا رجال، وشكرا لمن جادت بكم من ربات الحجال، ويكفي جمعكم فخرا أن حرك النخوة في قلوب المسلمين، واعتز بالانحياز لكم الغيورون والمنصفون، فكنتم _ بحق _ حماة قضية للشرفاء، لا يدافع عنها غير الكرماء، فالله يتولاكم بالنصر والتمكين، ويثلج صدوركم، ويشفي غيظ قلوب المؤمنين بدحر بني صهيون!

أنتم يا أصحاب الكلمات والكلام فهنيئا لكم كلمة حق نصرة للقضية، ولا يهوننها عليكم المثبطة، فمفتاح السعادة كلمة، وشفا الجرف ينهار فيها بكلمة، فطوبى لمن جاد بكلمة يملكها ليرفع بها الضيم، وينصر بها العدل. لكن هنا وقفة تربوية يحسن وضعها في عين الاعتبار، وهي: ضرورة تعهد النية وتجديدها لتكون خالصة، فمن خطوات الشيطان اختراق حمى الأحرار بشوائب تفسد الإخلاص وتحبط الأعمال، والجمهور قد يحرف مسار العامل فيزخرف له ويطبل ويطبع، فيتضرر ولا يشعر، وقد يضر حيث رام النفع، فالله الله في القضية فهي ليست للجلبة والضجيج، أو حتى للتكبير والتصفيق، فضلا عن المتاجرة والتوظيف. فتجردا عن الأهواء والحظوظ تجردا؛ فإخواننا يقدمون النفوس والنفيس، فلا أقل من أن نقدم الممكن متجردين، وليس الظرف لتضخيم المجهود أو لتصفية الحسابات، بل هو لتصفية النوايا والجهاد باللسان حيث لا قدرة على الجهاد بالسنان. ثم إن الميادين متنوعة فلا نحصرها فنخسرها بل لنوسع مداركها في الإذاعات والقنوات، وفي المنابر والجماعات، كل على قدر وسعه.

ثم إن الدعاء هو السهم الصائب، ورب دعوة خافتة من قلب خاشع وكف متضرعة، قلبت معادلة، فحققت ما يؤود جيوشا مدججة، فعناية بهذا الركن في الخلوة والجماعة، وفي المحراب والميدان، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. وبالمناسبة فجهود أئمتنا وأمرائنا مثمنة، فقد تزينت خطبهم في عيد الفطر المبارك وفي الجمع وغيرها، تزينت ولا تزال بتناول القضية الفلسطينية، تجسيدا لوحدة الأمة، وإعلاء لصوت الشعوب المسلمة متحدية بعض مواقف رسمية من دول وهيئات تخلت عن مسؤولياتها طوعا أو كرها، فلنستمر في الحراك، ولنجعل من المراجعة الذاتية والتوبة الفردية والجماعية قادية لنا وللأجيال اللاحقة إلى تحرير بيت المقدس وكل أراضي المسلمين، تحت راية التوحيد العظيمة، {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم : 4-5]

 

السنغال/ مكه كليبانتان ٩شوال١٤٤٢ه‍

3 تعليقات
  1. إدريس صو يقول

    ماشاء الله

  2. آل باه يقول

    شكرالكم على هذا جحودالعظيم
    اللهم انصر الامة الاسلامية في انحاء العالم

  3. أبوبكر باه يقول

    جزاكم الله خيرا على هذه الكلمات سليمة التي كمتم بها
    ندعو الله لكم التوفيق والنجاح ولجميع المسلمون عامة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.