قمةُ الأمّة – اجتماعٌ وثباتٌ

عبد الرحمن كان

 

الأمة تعاني من عدم اجتماع الكلمة، فلا ثبات لهم في قرار، ولا توافق لهم في إقرار. فالفلاحُ السياسيّ أساسه التعاون في حلّ الأزمات الداخلية والخارجيّة، ولن تستعيد هذه الأمة هيبتها ما لم تبتعد عن المغازلة السياسية، والتفرّد المصلحيّ لذوات دولها، والنهضة مضمونة للدّول الإسلامية إن هي أبعدت عن نفسها طغيان الخلاف، وخواء التخطيط، وظلمَ الأقارب والشركاء.

تُعدّ ذه المبادرة من دولة ماليزيا وتركيا وقطر وإيران لإقامة قمة دولية بهذا المستوى من أجل مناقشة قضايا الأمّة لمن أحسن المبادرات في الوقت الحالي؛ وذلك لهول الموقف دوليّا، ولخطورة المواضيع المطروحة عالميّا، فهي بلا شكّ بابٌ مشجّع للإقدام على وحدة الكلمة، والاصطفاف على خطوط الثبات؛ من أجل مواجهة الموجة الشرسة القادمة من الأعداء.

يظهر السّواء السياسيّ في وجوه منتقدي القمةِ بأقوالهم وأفعالهم. ولو كان من غير المسلمين لهان، ولكنه يخرجُ من أفواه من تشرّبوا لبان الشّر، وطعموا فقه الشّتات، وهم بذلك يخدمون لمن تأمّر على العالم بكبريائه : “قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين”، ومن الغواية السياسة حمل همّ الإساءة على كل خطوة إصلاحيّة، أو مبادرة إنسانيّة فرديّة كانت أو مجتمعيّة. وهذا السواء السياسي في بعض أعضاء الجسد الإسلامي يُذهبُ القوّة، ويضعفُ الوحدة، ويفشلُ المخطط. ومع ذلك يبقى الأمل شامخًا في رؤوس الجبال الراسيات من القادة الذين لا يملّون ولا يكلّون إلى أن يروا إرادتهم مطاعة فكرًا وسلوكاً.

إن اجتماع الإرادة والإدارة في القمة إشارة إلى نجاحها الاستيراتيجي، ذلك لأن عامل الإرادة الفعلية ضئيل على مستوى الدول الإسلامية، وكذا الإدارة السياسية غالبا ما تكون مطلوبة من ذوى القربي الطالحين؛ إلّا أن هذه القمة استطاعت بإرادتها أن تظهر الهيبة في القدرة على التنظيم الدولي، والطرح السياسي بجرأة، ومعالجة القضايا المسكوتة عليها. والأمّة كلها أمل في استرجاع نفوذها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي عبر منصة هذه القمة؛ علما أن الموضوع لن يكون بسهلٍ في ظلّ وجود القوى الدولية، الأمر الذي يؤكد على ضرورة التكاتف والتعاون بين الدول على كلّ الأصعدة، وتحويل مسارات الاتفاقيات إلى أعمال دولية مؤسّسية بعيدة المدى.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.