التجمع الاسلامي في السنغال: إنشاء أم امتداد؟

 

 

(*) فاضل صار 

   إن للإسلام  قدماً راسخاً في السنغال، وقد مارسه الشعب السنغالي المسلم بشموليته عقيدةً وعبادةً ومعاملةً، ومن أروع  النماذج المجسدة لذلك دولة الإمامة في فوتا، ومن الذين عملوا على تكريس هذا الوجود الإسلامي في السنغال  أحمد باه (مبا) والحاج عمر الفوتي طال، والدعوة السلمية المتمثلة في الشيخ أحمد بامبا امباكي وألحاج مالك سي والشيخ إبراهيم نياس وغيرهم.

  غير أن الفتور أصاب المجتمع السنغالي كما هو حال أغلب الشعوب المسلمة. تمكن فيهم هذا الفتور واستولى على أذهانهم فكان ثلمة في الاسلام ولم يبق لمسلمي السنغال من الاسلام إلا الشعائر التعبدية المتمثلة في الصلاة والصوم والأذكار- مع أهميتها – كما لم يعد يفهم الإسلام فهماً صحيحاً أو يمارسه ممارسةً مستقيمةً في إطار المشروع الكلي الشامل ذوي الجوانب المتنوعة والمتكاملة. ففصل أي جانب من الإسلام أو تركه عمداً يفقد الإسلام الحيوية والانعاش قال تعالي: (أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون: البقرة 85).

  فبتر الإسلام داء مزمنٌ عانى منه الشعب السنغالي وذاق مرارته، إلى أن انقضت عُرى إسلام من هذا الشعب عروةً عروةً، حتى وصل ببعضهم إلى حد ممارسة الإلحاد و التفهوه به علناً، في كثير من المواقف و المناسبات، وحيثما طرحت القضية الإسلامية في هذا البلد، كقانون الأسرة المسلمة و محاربة اللواط والتصدي للأفكار الهدامة و الخلاعة، وأي قضيةٍ من القضايا الإسلامية نجد علماني هذا البلد -رغم كونهم ذو أصول إسلامية- يقفون لها بالمرصاد.

 

  ففي خضم هذا الوضع المؤسف، انبثقت بذور التوجه الإسلامي حاملة لواء تصحيح المسار متمثلةً في تجمعات إسلامية ذات رؤيةٍ حضاريةٍ، تذكر الشعب السنغالي بماضيه المجيد، وتدعوه إلى تطبيق الإسلام شاملاً، وفق عهد النبي عليه السلام وآله و صحابته الكرام،  فبدأ الشعب يفيق من نومه العميق ويستدرك شيئاً فشيئاً تعاليم الإسلام الشاملة، من خلال برامج إسلاميةٍ دعويةٍ في المدارس و المساجد و المستشفيات و الخدمات الاجماعية. تلك ثمرات جهود الحركة الإسلامية المعاصرة في السنغال بمساندة أخواتها في الحركات المحافظة التابعة للبيوتات الدينية العريقة في هذا البلد.

 

  ونظراً لما تعرضت لها الحراكات الإسلامية بصفة عامة من التقوقع والتشتُّت و الجمود الذي أدى الي رفض كل ما هو جديدٌ و ومتطوّرٌ، و رفع الطموحات نحو المستقبل، إضافةً إلى ذلك  انغماسها في الحفاظ علي أمجاد الماضي الذي ألهاها عن تجديد طرحها والتكيف مع  الأحداث و الوقائع، و النهوض بالشباب المسلم ذوي الطاقات الحية وآمال المستقبل، كل ذلك كاد أن يكون عقبة أمام المد والإصلاح الإسلامي الجديد.

 

   ومن هنا دعت الحاجة إلي ضرورة بلورة رؤيةٍ جديدةٍ، وإيجاد تنظيمٍ حديثٍ علي مستوى المنهج الإسلامي في أبعاده وأهدافه النبيلة.

  فاجتمعت نخبةٌ من الشباب لتدارس هموم الأمة ومستقبلها؛ ونقاط القوة والضعف لها، في فندق (أمباساد) ببارسيل أسني بدكار من  24 إلي 25 مايو 2008م، وخرجوا من الاجماع متفقين علي ضرورة تأسيس كيان إسلاميٍّ واسعٍ يلمُّ شمل مسلمي السنغال علي هدي الكتاب والسنة، في إطار جبهةٍ وحدويةٍ تتبنى قضية المشروع الإسلامي في السنغال  تحت شعار: وحدةٌ في تنوُّعٍ وتنوُّعٌ في وحدةٍ.

 

  تلك، هي قصة لجنة المبادرة لتوحيد العمل الاسلامي في السنغال التي سعت جاهدةً  لإقامة المؤتمر التأسيسي لحركة التجمع الاسلامي في السنغال ris الوحدة المنعقد يومي السبت والأحد 11 إلي 12 أبريل 2009م في معرض دكار الدولي. وفقنا الله وإياكم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.